قالوا: قال الشعبي: رجع علي عن قوله في الحرام ثلاثا، أي قال رجل لامرأته أنت حرام. قلنا: الشعبي ناصب كاذب فاسق أما فسقه فسنذكره في باب الطعن في رجالكم، وأما كذبه فإنه قال: لم يشهد الجمل من الصحابة إلا أربعة وقد أجمعت أهل الأخبار على أن مع علي فيه ثمانية [ألف] من الأنصار، وتسع مائة من أهل بيعة الرضوان، وسبعون من أهل بدر، وكان يحلف بالله أن عليا دخل قبره ولم يحفظ القرآن. فقد ظهر في ذلك نصبه، وشاع بإنكار الاجماع كذبه.
قالوا: قال لقضاته بعد مصير الحكم إليه: اقضوا كما كنتم تقضون، فإن كان القضاء الماضي حقا فلا عتب على الماضين الآمرين به، وإن كان باطلا بطلت عصمة الآمرين به. إذ لا تقية حينئذ. قلنا: إنما قال ذلك - وإن كان الحكم له - لأن الأمة قد كانت اعتادت تلك، واطمأنت نفوسها إلى حقيتها، ولهذا أراد أهل الشورى بيعته على سيرة الشيخين، فلما أبى إلا على كتاب الله انصرفوا عنه وعن كتاب الله إلى سيرتهما، فقال ذلك للقضاة لاستصلاح الرعية وقد علل ذلك في قول (حتى يكون الناس جماعة) فلما قتل الطوائف الثلاث وخمدت الفتنة، غير بعض ما كان.
قالوا: فلم لم يغير الكل: قلنا: ربما لم يخف من إظهار الخلاف في البعض كما يخاف في الكل وربما كانت الشبهة على الاتباع في المتروك أشد منها في الآخر.
قالوا: أكره الزبير وطلحة على البيعة. قلنا: لا، بل إنما بايع الناس بعد أن ألحوا عليه، وقد قال في خطبة له: فتداك الناس علي كتداك الإبل على حياضها وحتى وطئ الحسنان وشقت أعطافي. وفي موضع آخر: ينثالون إلي كعرف الضبع، والعامة تروي أنه قال لهما: امددا أيديكما أبايعكما فإنني أكون لكما وزيرا خير من أن أكون لكما أميرا فأول من بايعه طلحة، وقال الأسدي: أول يد صفقت على يد أمير المؤمنين يد شلاء يوشك أن لا يتم هذا الأمر، فكيف الاكراه مع هذه المسارعة.
قالوا: قتل عثمان: قلنا: قد علم من سمع الأخبار أنه لم يقتل عثمان، بل أنفذ ابنه الحسن ليسقيه الماء وهو ظمآن، وإنما تولى قتله طلحة والزبير في جماعة