ومذهب الشافعي وأحمد بن حنبل، ورأيت ظهور ضلالتهم ومناقضاتهم واختلافهم واختلالهم تعوذت بالله من اتباعهم على تلك العقائد المذمومة وضرعت إلى الله سبحانه في دوام السلامة مما أوقعوا أنفسهم فيه من فضيحة الدنيا وهلاك يوم القيامة.
ثم رأيت هؤلاء الأربعة المذاهب قد اتفقوا وأجمعوا على أن الأنبياء عليهم السلام يصح أن يقع منهم الذنوب وأن يكون لهم عيوب، وخالفوا عترة نبيهم الذين أمروا بالتمسك بهم فإن العترة وأتباعها مجمعون على تنزيه الأنبياء وعصمة رسل إله والسماء.
بل رأيت أولئك الأربعة المذاهب قد رووا في كتبهم المعتبرة إن قد وقعت من الأنبياء ذنوب عظيمة وعيوب ذميمة، فزادني ذلك نفورا من اتباع هؤلاء الأربعة المذاهب، واستعظمت تقبيحهم لذكر أنبياء الله ورسله وخاصته، وقد تقدم من الكلام ما يدل على أن الأنبياء لو كانوا كذلك ما كانت تحصل الثقة بهم والتصديق لهم والطمأنينة إلى ما يقولون من الشرايع ويخبرون به من الله من مصالح الخلائق، وكان يقع النفور عنهم والشك فيما يقع منهم، وكيف يجوز في العقول أن يكون نواب الله المترجمون عنه على صفات توجب الشك فيما يقولون أنه منه.
ولقد قال هشام بن عبد الملك لغيلان: أنت الذي تزعم أن الله لم يولني ولم يرض ما أنا فيه؟ فقال له غيلان: وهل رأيت أمينا يولي الخائنين أمانته، أم رأيت مصلحا يولي المفسدين إصلاحه، أم رأيت كريما يدعو إلى أمر ثم يصد عنه أم رأيت حكيما يقضي بما يعيب أم يعيب بما يقضي، أم رأيت حكيما يكلف فوق الطاقة؟ فصريح العقول يشهد أن رسل الله والمترجمين عنه يجب أن يكونوا معصومين منزهين عن الخطأ والسهو والغلط وكل منفر عنهم وحايل