ثم انظر كيف ذكر النبي " ص " في ذلك الوقت افتراق أمته ثلاثا وسبعين فرقة، هل ترى هذا إلا شهادة ممن يروي هذا الحديث وصدقه أن ترك أبي بكر وعمر لامتثال أمر رسول الله وعدولهم من قتل ذلك الرجل كان سبب ضلال من ضل من أهل الإسلام، وتنبيه من النبي " ص " للأنام إنهما سببا الضلال ليكون حجة على أمته يوم الحساب والسؤال، وكيف حسن من رجال الأربعة المذاهب ذكره هذا الأحوال.
منع عمر النبي " ص " عند وفاته أن يكتب كتابا لا يضل بعده أمته أبدا ومن أعظم طرائف المسلمين أنهم شهدوا جميعا أن نبيهم أراد عند وفاته أن يكتب لهم كتابا لا يضلون بعده أبدا، وأن عمر بن الخطاب كان سبب منعه من ذلك وسبب ضلال من ضل من أمته وسبب اختلافهم وسفك الدماء بينهم وتلف الأموال واختلاف الشريعة وهلاك اثنين وسبعين فرقة من أصل فرق الإسلام وسبب خلود من يخلد في النار منهم، ومع هذا كله فإن أكثرهم أطاع عمر ابن الخطاب الذي قد شهدوا عليه بهذه الأحوال في الخلافة وعظموه، وكفروا بعد ذلك من يطعن فيه وهم من جملة الطاعنين، وضللوا من يذمه وهم من جملة الذامين، وتبرأوا ممن يقبح ذكره وهم من جملة المقبحين.
فمن الرواية في ذلك ما ذكره محمد بن علي المازندراني في كتاب أسباب نزول القرآن في تفسير قوله تعالى " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت " (1) فقال في مسند أحمد بن حنبل عن جابر الأنصاري أن النبي " ص " دعى عند موته