آخرة إنه خلق نفسه من عرقها، ليت شعري من خلق الخيل التي أجراها، فإن كان موجودا قبل خلق الخيل فأي شئ خلق عرقها؟ وإن كان غير موجود فكيف يصح في العقول أن يخلق المعدوم خيلا أو شيئا.
وأما الأحاديث الأخر فلا شبهة أنها من جملة الزور والبهتان المخالفة للعقول والأديان، فكيف ينقلها أو يصدقها من يدعي أنه من أهل الإسلام والإيمان؟
وذكر سليمان بن مقاتل في كتاب الأسماء في حديث أسنده قال: قلت يا رسول الله: أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال كان في غمام تحته هواء وفوقه هواء ثم خلق عرشه على الماء.
(قال عبد المحمود): إذا كان ربهم قد أحاط به الهوى فقد صار متحيزا وفي جهة دون جهة، فيلزم أن يكون مخلوقا حادثا فإن العقول يشهد أن كل متحيز أو في جهة فإنه محتاج إلى من جعله في ذلك الحيز أو الجهة، وإذا كان ربهم على قولهم محدثا، فقد ساووا أصحاب الأصنام ورجعوا إلى ما كانوا قبل الإسلام وفارقوا العقول وكتابهم ورسولهم، والحمد لله على السلامة من الاقتداء بهم والمنشأ فيهم والولادة بينهم.
وذكر محمد عمر الرازي وهو من أكبر علماء الأشعرية وأعظم علماء الأربعة المذاهب في كتاب تأسيس التقديس ما هذا لفظه: من أثبت كونه تعالى جسما متحيزا مختصا بجهة فإنه يكون المعتقد لذلك كافرا، لأن كل من يكون مختصا بجهة وحيز فإنه مخلوق ومحدث وله إله أحدثه، والقائلون بالجسمية والجهة أنكروا وجود موجود سوى هذه الأشياء التي يمكن الإشارة إليها، فهم منكرون لذات الموجود الذي يعتقدون أنه الإله، وإذا كانوا منكرين لذاته كانوا كفارا لا محالة.
قال: وهذا بخلاف المعتزلي فإنه يثبت موجودا وراء هذه الأشياء التي