أنفسهم " أما يوضح هذا الحديث شهادتهم وشهادة نبيهم إنه كان يسئ الظن بعمر وإن عمر ممن يعتقد جواز وقوع الزنا والفواحش من نبيهم في الجنة، أترى في الجنة تكليفا أو أمورا تقتضي وقوع غيرة عمر من نبيهم؟ إن هذا من عظيم ما قبحوا به ذكر خليفتهم عمر وشهدوا عليه بالضلال وسوء الظن.
تخلف عمر عن جيش أسامة ومن طرائف ما رأيت من شهادة علماء الأربعة المذاهب عمر أنهم ذكروا أن نبيهم جعله قبل وفاته من جملة جيش أسامة بن زيد، وأمره بالخروج معه في ذلك الجيش وشهدوا أنه خالف نبيهم وعاد عن صحبة أسامة ولم يمتثل أمر نبيهم.
ومما وقفت عليه في ذلك ما ذكره أبو هاشم شيخ المعتزلة في كتابه الذي سماه بالجامع الصغير قال:
فإن قيل: أيجوز أن يخالف النبي " ص " فيما يأمر به في حال الحياة؟
قيل له: أما ما كان من ذلك من طريق الوحي فليس يجوز مخالفته على وجه من الوجوه، وأما ما كان من ذلك على طريق الرأي فسبيله سبيل الأئمة في أنه لا يجوز أن يخالف في ذلك في حال حياته، فأما بعد وفاته فقد يجوز أن يخالف فيه ويدلك على ذلك أنه قد أمر أسامة بن زيد أن يخرج بأصحابه في الوجه الذي بعثه فيه فأقام أسامة عليه وقال: لم أكن لأسأل عنك الركب، ثم إن أبا بكر استرجع عمر وقد كان في أصحابه، ولو كان ذلك لوحي لم يكن لأسامة أن يقيم ويقول لم أكن لأسأل عنك الركب ولا كان لأبي بكر استرجاع عمر.