فأراد تنفير الرشيد عنها فقال لها: ما تقولين؟ أيما أفضل العباس أو علي؟
فقالت: الروح واحدة وإن اختلف الجسد، فإن فضيلة هذا لهذا وفضيلة هذا لهذا، فقال لها النظام كما يرويه أعداء أهل البيت فما تقولين في حكومتهما عند أبي بكر وعمر أيهما كان على الحق وأيهما كان على الباطل؟ فقالت: كانا كالملكين اللذين نزلا على داود يتحاكمان في الغنم وإنما أراد الملكان تعريف داود وجه الحكم فكذلك أراد العباس وعلي يعرفان أبا بكر وعمر إنهما ظالمان لهما بمنع ميراث نبيهما. فهذا جواب امرأة لم يكن عندها عداوة لأهل البيت، عرفت الحق واعتذرت عذرا جميلا، فاستحسن الرشيد ذلك منها واشتراها بألوف كثيرة.
في عدم مساعدتهم لفاطمة عليها السلام ومساعدتهم لعائشة ومن طريف الأمور أن سيدتهم فاطمة عليها السلام المشهود لها بالطهارة والعصمة والفضائل التي لم يخلف نبيهم من ظهره ولدا في الدنيا سواها وكانت بقيته في المسلمين وتذكرته بين الصحابة والعارفين يجري عليها ما تقدم ذكر بعضه، ثم إن الحال تحوجها إلى أن تخرج بنفسها والعباس معها كما تقدم في إحدى روايتي الحميدي وعلي بن أبي طالب عليه السلام كما تقدم في رسالة المأمون وأم أيمن وأسماء بنت عميس، وتخاطب أبا بكر فلا يسعدها من جلساء أبي بكر وأتباعه من كان حاضرا منهم حين مخاطبتها ومن حضر بعد ذلك مسعد ولا ينطق بكلمة ولا ينقل أن أحدا منهم قال في مجلسه، وقد كان مجلسا عاما كلمة تعضدها ولا مشورة تطيب قلبها ولا وساطة بخير، أين نساء المهاجرين والأنصار؟ وهلا كن جميعا في خدمتها وصحبتها ومعونتها وأين بقايا المهاجرين والأنصار؟ وما بالهم لم يسعدوا بنت نبيهم ويرغبوا في الوفاء لخاتم الأنبياء؟
وهلا استحيوا من حقوقه عليهم وإحسانه إليهم؟ وهلا وصلوا جناحها أو عضدوا خطابتها؟ فقد كان بين أبيها وبين مجلس أبي بكر خطوات يسيرة، وهب أنهم