ولم يعرفوا أن ذلك من جملة الاضطراب الشنيع والاختلاط البديع.
ومن طريف أمورهم أنهم رووا في صحاحهم أن نبيهم قال: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، ولم يرووا مثل لأحد من الصحابة ومع ذلك فلم يسموه صديقا، وسمعت في كتابهم وصف جماعة بالصديقين فقال " أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم " (1) ولم يسموا كل واحد من أولئك صديقا.
ورووا فيما تقدم من هذا الكتاب من أحمد بن حنبل وكتاب ابن شيرويه وكتاب ابن المغازلي عن نبيهم أن الصديقين ثلاثة حبيب النجار مؤمن آل يس، وخربيل مؤمن آل فرعون وعلي بن أبي طالب عليه السلام وهو أفضلهم (2).
وما تراهم خصصوا هؤلاء الثلاثة وأطلقوا عليهم أو على أحد منهم لفظ الصديق، والعجب أن يكون علي بن أبي طالب عليه السلام أفضل الصديقين ولا يسمونه صديقا، ومع أنه كان أول من صدق نبيهم وآمن به كما تقدم في رواياتهم وأنه كان يقول على رؤس المنابر ومجمع الأشهاد كما رووا أنا الصديق الأكبر، ولم يسموه مع ذلك الصديق وخصصوا هذه اللفظة بأبي بكر دون غيره سائر من سائر الصديقين، إن هذا مما تنفر منه عقول المستبصرين.
في أن قولهم إن أبا بكر أغنى النبي " ص " بماله مكابرة ومن طرائف بهت جماعة من المسلمين إن كتابهم يتضمن إن الله يقول لنبيهم " ووجدك عائلا فأغنى " (3) فكابروا هذا القول وردوا عليه وقالوا: بل