برأيه لجعل ذلك لرسول الله، قال الله له " وأن احكم بينهم بما أنزل الله " (1) وقال " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله " (2) ولم يقل بما رأيت.
وروى النهى عن القياس عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر ومسروق بن سيرين وأبي سلمة بن عبد الرحمن، فلو كان القياس مشروعا في زمن نبيهم ما خفي عن هؤلاء وعن عترة نبيهم وأتباعهم من العلماء.
في حجية الاجماع عندهم والطعن عليه ومن طرائف الأربعة المذاهب أنهم يذكرون أن كل واحد من المسلمين يجوز عليه الخطأ والكذب وكل قبيحة، ومع هذا يقولون إذا اجتمع هؤلاء الذين يجوز عليهم ذلك على شئ، فإن إجماعهم يجعل ذلك صدقا، وتصير التجويز مرتفعا في الذي يجمعون عليه مع استمرار تجويز الكذب من كل واحد في حال افتراقهم واجتماعهم، وهذا بهت عظيم لا يستحسنه من عقله سليم ودينه مستقيم.
ومن طريف استدلالهم على ذلك أن واحدا منهم أو أكثر ممن لم يبلغ حد التواتر قد أورد لهم عن نبيهم أن أمتي لا يجتمع على ضلال، وما أدري كيف يثبت بهذا الحديث حجية الاجماع والرواة له من جملة أهل الاجماع لأنه لا يثبت الاجماع إلا بهذا الحديث عند من يعتقد ذلك ولا يثبت الحديث إلا بالإجماع عند من أثبته بهذا الطريق فيقف صحة كل واحد منهما على صحة الآخر فلا يثبت شئ منهما، وبعد ذلك كيف يدعون وقوع إجماع الأمة شئ مع ما تقدم