يكون دينهم ملكا ورحمة وملكا وجبرية على عادة الملوك المتغلبين ففيهم الرحيم والمتجبر، وتارة يشهد على قوم من الصحابة يشفق عليهم ويأخذ بحجزهم عن النار، وينهاهم مرارا بلسان الحال والمقال فيغلبونه ويسقطون فيها، وتارة يخاف على أمته من أئمة مضلين يولون عليهم، وتارة يشهد عليهم باتباع ما أتى به القرون السالفة في الضلال واختلال الأحوال.
ثم قد أوردوا عنه بغير خلاف من المسلمين أن أمة موسى افترقت بعده إحدى وسبعين فرقة واحدة ناجية والباقون في النار، وأمة عيسى افترقت اثنتين وسبعين فرقة واحدة ناجية والباقون في النار، وأمته تفترق ثلاثا وسبعين فرقة واحدة ناجية واثنتان وسبعون في النار، وقد تضمن كتابهم وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين " (1) فكيف يجوز لمسلم أن يرد شهادة الله وشهادة رسوله عندهم بضلال كثير من صحابة نبيهم، وهلاك أكثر أمته واختلاف أمورهم بعد وفاته، وهل يرد ذلك من المسلمين إلا من هو شاك في قول الله وقول نبيهم، أو مكابر للعيان، وكيف يلام أو يذم من صدق الله ورسوله في ذم بعض أصحابه وأكثر أمته أو اعتقاد ضلال بعضهم، وكيف استحسنوا لأنفسهم أن يرووا مثل هذه الأخبار الصحاح ثم ينكروا على الفرقة المعروفة بالرافضة ما أقروا لهم بأعظم منه، وكيف يرغب ذو بصيرة في اتباع هؤلاء الأربعة المذاهب، وقد بلغوا إلى هذه الغايات من المناقضات واضطراب المقالات والروايات.
في أن النبي " ص " لم يترك أمته بغير وصية ومن طرائف الأمور التي أقدم عليها هؤلاء الأربعة المذاهب وأمثالهم،