يومئذ والجحفة لأهل الشام وليس به من يحج يومئذ، ومن أصغى إلى ما نقل عنه علم أن الأولين والآخرين يعجزون عن أمثالها وان ذلك لا يتصور إلا أن يكون من الوحي والتنزيل.
وقوله صلى الله عليه وآله: زويت (1) لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها فصدق لي خبره فقد ملكهم من أول المشرق إلى آخر المغرب من بحر الأندلس وبلاد البربر ولم يتسعوا في الجنوب ولا في الشمال كما اخبر صلى الله عليه وآله سواء بسواء وقوله صلى الله عليه وآله لعدي بن حاتم: لا يمنعك من هذا الدين الذي ترى من جهد أهله وضعف أصحابه فلكأنهم بيضاء المداين وقد فتحت عليهم وكأنهم بالظعينة تخرج من الحيرة حتى تأتي مكة بغير خفار (2) ولا تخاف إلا الله فابصر عدى ذلك كله.
وقوله صلى الله عليه وآله لخالد بن الوليد وقد بعثه إلى كيدر بن عبد الملك ملك كنده وكان نصرانيا ستجده يصيد البقر فخرج حتى كان من حصنه بمنظر العين في ليلة مقمرة صائفة وهو على سطح له ومعه امرأة فبانت البقرة تخد بقرونها باب القصر فقالت هل رأيت مثل ذلك قط؟ قال: لا والله، قالت: فمن بترك (3) هذا؟ قال: لا أحد، فنزل وركب على فرسه ومعه نفر من أهل بيته فيهم أخ يقال له حسان وبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأنشد في ذلك رجل من بني طي:
تبارك سائق البقرات اني * رأيت الله يهدي كل هاد فمن يك حائدا عن ذي تبوك * فانا قد أمرنا بالجهاد وقوله لكنانة زوج صفية والربيع: أين آنيتكما التي كنتما تعيرانها أهل مكة؟
قالا هزمنا فلم تزل تضعنا ارض وتقلنا ارض أخرى وأنفقناها، فقال لهما: انكما ان كتمتما شيئا فاطلعت عليه استحللت دماء كما وذراريكما، قالا: نعم، فدعا رجلا من الأنصار وقال: اذهب إلى قراح (4) كذا وكذا ثم ائت النخيل فانظر نخلة عن يمينك وعن يسارك وانظر نخلة مرفوعة فأتيني بما فيها، فانطلق وجاء بالآنية والأموال فضرب عنقهما.
وقال جارود بن عمرو العبدي وسلمة بن العباد الأزدي: ان كنت نبيا فحدثنا عما