فصل: في مسائل وأجوبة سئل الباقر (ع): لأي علة ترك أمير المؤمنين (ع) فدك لما ولى الناس؟
فقال: للاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله لما فتح مكة وقد باع عقيل داره فقيل ألا ترجع إلى دارك؟ فقال وهل ترك عقيل لنا دارا إنا أهل بيت لا نسترجع شيئا يؤخذ منا ظلما. وفى خبر لان الظالم والمظلومة قد كانا قدما على رسول الله وأثاب الله المظلومة وعاقب الظالم.
وقال ضرار لهشام بن الحكم: ألا دعا علي الناس عند وفاة النبي إلى الائتمام به إن كان وصيا؟ قال: لم يكن واجبا عليه لأنه قد دعاهم إلى موالاته والائتمام به النبي يوم الغدير ويوم تبوك وغيرهما فلم يقبلوا منه ولو كان ذلك جائزا لجاز على آدم ان يدعو إبليس إلى السجود له بعد إذ دعاه ربه إلى ذلك، ثم إنه صبر كما صبر أولوا العزم من الرسل.
وسأل أبو حنيفة الطاقي فقال: لم لم يطلب علي بحقه بعد وفاة الرسول إن كان له حق؟ قال: خاف أن يقتله الجن كما قتلوا سعد بن عبادة بسهم المغيرة بن شعبة.
وقيل لعلي بن ميثم: لم قعد عن قتالهم؟ قال: كما قعد هارون عن السامري وقد عبدوا العجل. قيل: فكان ضعيفا، قال: كان كهارون حيث يقول (يا بن أم ان القوم استضعفوني) وكنوح إذ قال (اني مغلوب فانتصر) وكلوط إذ قال (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) وكموسى وهارون إذ قال موسى (رب اني لا أملك إلا نفسي وأخي). وهذا المعنى قد اخذه من قول أمير المؤمنين لما اتصل به الخبر انه لم ينازع الأولين، فقال (ع) لي بستة من الأنبياء أسوة: أولهم خليل الرحمن إذ قال (واعتزلكم وما تدعون من دون الله) فان قلتم انه اعتزلهم من غير مكروه فقد كفرتم وإن قلتم انه اعتزلهم لما رأى المكروه منهم فالوصي اعذر، وبلوط إذ قال (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) فان قلتم ان لوطا كانت له بهم قوة فقد كفرتم وإن قلتم لم يكن له بهم قوة فالوصي اعذر، وبيوسف إذ قال (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) فان قلتم طالب بالسجن بغير مكروه يسخط الله فقد كفرتم وإن قلتم انه دعي إلى ما يسخط الله فالوصي اعذر، وبموسى إذ قال (فررت منكم لما خفتكم) فان قلتم انه فر من غير خوف فقد كفرتم وإن قلتم فر منهم (المناقب ج 1، م 29)