وروي انه فقده أبو طالب في تلك الليلة فلم يزل يطلبه ووجه إلى بني هاشم وهو يقول: يا لها من عظيمة إن لم أر رسول الله إلى الفجر، فبينا هو كذلك إذ تلقاه رسول الله صلى الله عليه وآله وقد نزل من السماء على باب أم هاني فقال له: انطلق معي، فأدخل بين يديه المسجد فدخل بنو هاشم فسل أبو طالب سيفه عند الحجر ثم قال: أخرجوا ما معكم يا بني هاشم، ثم التلفت إلى قريش فقال: والله لو لم أره ما بقيت منكم عين تطرف، فقالت قريش: لقد ركبت منا عظيما.
وأصبح صلى الله عليه وآله يحدثهم بالمعراج فقيل له: صف لنا بيت المقدس، فجاء جبرئيل بصورة بيت المقدس تجاه وجهه فجعل يخبرهم بما يسألونه عنه، فقالوا: أين بيت فلان ومكان كذا؟ فأجابهم في كل ما سألوه عنه فلم يؤمن منهم إلا قليل وهو قوله (وما تغن الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون). قال الحسن الباخرزي:
طلبت وصاله دهرا طويلا * فولدها القضاء وراء ضده فلما غبت عنه وغاب عني * اتاني طارقا من بعد بعده مضت فقضت حوايجنا خبالا * فسبحان الذي اسرى بعبده وقال غيره:
عجبت لمن اسرى الإله؟ بعبده * من البيت ليلا نحو بيت المقدس وقال آخر:
دنى فتدلى فاكتسى حلة البها * فقال له سلني فأعطيك ما تشا وقال الخبز أرزي:
قلت للبدر لا تغيب وزرني * واسمت الوصل بالرضا لا التجافي قال إني مع العشاء سأتي * فارتقبني ولا تخف من خلافي قلت يا سيدي فهلا نهارا * فهو أعلى لرقبة الايتلاف قال لي لا أريد تغيير رسم * إنما البدر في الظلام يوافي فصل: في هجرته كان النبي صلى الله عليه وآله يعرض نفسه على قبائل العرب في الموسم فلقى رهطا من الخزرج فقال: ألا تجلسون أحدثكم؟ قالوا: بلى، فجلسوا إليه فدعاهم إلى الله وتلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض: يا قوم تعلموا والله انه النبي الذي كان يوعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه أحد، فأجابوه وقالوا له: انا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من