فصل: في معراجه صلى الله عليه وآله الحمد لله العلي الاعلى، الوفي الأوفى، الولي الأولى، رب الآخرة والأولى، خالق السماوات العلى، ومبدع الأرضين السفلى، له الآخرة والأولى، الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، والذي أخرج المرعى، فجعله غثاء أحوى، بعث محمدا صلى الله عليه وآله، ذي النعمة العظمى، والمحبة الكبرى، الهادي إلى الطريقة المثلى، الداعي إلى الخليفة الحسنى، وجعله خير الخلق ما بين الثريا والثرى، ورفعه إلى السماء من أم القمرى، بقوله: (بسم الله الرحمن الرحيم سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى).
اختلف الناس في المعراج فالخوارج ينكرونه. وقالت الجهمية: عرج بروحه دون جسمه على طريق الرؤيا. وقالت الامامية والزيدية والمعتزلة: بل عرج بروحه وبجسمه إلى بيت المقدس لقوله تعالى: (إلى المسجد الأقصى). وقال آخرون:
بل عرج بروحه وجسمه إلى السماوات، روي ذلك عن ابن عباس، وابن مسعود، وحذيفة، وأنس، وعائشة، وأم هاني - ونحن لا ننكر ذلك إذا قامت الدلالة -، وقد جعل الله معراج موسى إلى الطور (وما كنت بجانب الطور)، ولإبراهيم إلى السماء الدنيا (وكذلك نرى إبراهيم)، ولعيسى إلى الرابعة (بل رفعه الله إليه)، ولإدريس إلى الجنة (ورفعناه مكانا عليا)، ولمحمد صلى الله عليه وآله (فكان قاب قوسين أو أدنى) وذلك لعلو همته، فلذلك يقال: المرء يطير بهمته، فتعجب الله من عروجه (سبحان الذي أسرى) وأقسم بنزوله (والنجم إذا هوى) فيكون عروجه ونزوله بين تأكيدين.
السدي والواقدي: الاسراء قبل الهجرة بستة أشهر بمكة في السابع عشر من شهر رمضان ليلة السبت بعد العتمة من دار أم هاني بنت أبي طالب، وقيل من بيت خديجة، وروي من شعب أبي طالب. الحسن وقتادة: كان من نفس المسجد.
ابن عباس: هي ليلة الاثنين في شهر ربيع الأول بعد النبوة بسنتين فالأول معراج العجائب والثاني معراج الكرامة.
ابن عباس في خبر: ان جبرئيل أتى النبي صلى الله عليه وآله وقال: ان ربي بعثني إليك وأمرني أن آتيه بك فقم فان الله يكرمك كرامة لم يكرم بها أحد قبلك ولا بعدك فأبشر وطب نفسا، فقام وصلى ركعتين فإذا هو بميكائيل وإسرافيل ومع كل واحد منهما