وكيف يعترف بما يحتج به خصمه، ويسطر ما يخالفه علمه! ولا عجب في رواياتهم مما هو حجة عليهم (1) فقد أنطقهم الله الذي أنطق كل شئ، وإن كان الشيطان يثبت غروره فقد يأبى الله إلا أن يتم نوره.
فوفقت في جمع هذا الكتاب، مع اني أقول: مالي وللتصنيف والتأليف، مع قلة البضاعة، وعظم شأن هذه الصناعة، إلا انني في ذلك بمنزلة رجل وجد جوهرا منثورا، فاتخذ له عقدا منظوما، وكم دنف نجا، وصحيح هوى، وربما أصاب الأعمى قصده، وأخطأ البصير رشده. وذلك بعد ما أذن لي جماعة من أهل العلم والديانة بالسماع والقراءة والمناولة والمكاتبة والإجازة، فصحت لي الرواية عنهم بأن أقول: حدثني، وأخبرني، وأنبأني، وسمعت، واعترف لي بأنه سمعه ورواه كما قرأته وناولني من طرق الخاصة.
وأما طرق العامة فقد صح لنا اسناد البخاري عن أبي عبد الله محمد بن الفضل الصاعد الفراري (2) وعن أبي عثمان سعيد بن عبد الله العيار الصعلوكي، وعن الخبازي، كلهم عن أبي الهيثم الكشميهني (3) عن أبي عبد الله محمد الفريري عن محمد بن إسماعيل بن المغيرة البخاري، وعن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجري عن الداودي عن السرخسي عن الفريري عن البخاري.
اسناد مسلم عن الفراري عن أبي الحسين عبد الغافر الفارسي النيسابوري عن أبي أحمد محمد بن عمرويه الجلودي عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه عن أبي الحسين مسلم بن حجاج النيسابوري (4).
اسناد الترمذي عن أبي سعيد محمد بن أحمد الصفار الأصفهاني عن أبي القاسم الخزاعي عن أبي سعيد بن كليب الشاشي عن أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (5).