الصفوف، فركزت رمحي ووضعت ترسي إليه واستترت من الشمس، فإني لجالس حتى ورد في أمير المؤمنين عليه السلام فقال لي: " يا أخا الأزد (1)، أمعك طهور؟ " قلت: نعم، فناولته الإداوة، فمضى حتى لم أره ثم أقبل وقد تطهر فجلس في ظل الترس، فإذا فارس يسأل عنه، فقلت: يا أمير المؤمنين هذا فارس يريدك، قال: " فأشر إليه " فأشرت إليه فجاء فقال: يا أمير المؤمنين قد عبر القوم وقد قطعوا النهر، فقال: " كلاما عبروا " قال: بلى والله لقد فعلوا، قال: " كلا ما فعلوا " قال: فإنه لكذلك إذ جاء آخر فقال: يا أمير المؤمنين قد عبر القوم، قال: " كلا ما عبروا " قال: والله ما جئتك حتى رأيت الرايات في ذلك الجانب والأثقال، قال: " والله ما فعلوا، وإنه لمصرعهم ومهراق دمائهم " ثم نهض ونهضت معه.
فقلت في نفسي: الحمد لله الذي - بصرني هذا الرجل، وعرفني أمره، هذا أحد رجلين. إما رجل كذاب جرئ أو على بينة من ربه وعهد من نبيه، اللهم إني أعطيك عهدا تسألني عنه يوم القيامة، إن أنا وجدت القوم قد عبروا أن أكون أول من يقاتله وأول من يطعن بالرمح في عينه، وإن كانوا لم يعبروا (أن أقيم) (2) على المناجزة والقتال. فدفعنا إلى الصفوف فوجدنا الرايات والأثقال كما هي، قال: فأخذ بقفاي ودفعني ثم قال:
" يا أخا الأزد (3)، أتبين لك الأمر؟ " قلت: أجل يا أمير المؤمنين، قال: " فشأنك