شرح الأخبار - القاضي النعمان المغربي - ج ٣ - الصفحة ١٨٤
المعركة على الماء (1)، ولم يكن لاحد منهم عقب. وورثهم العباس (2) وقتل بعدهم (3) يومئذ، وخلف ولده عبيد الله بن العباس (4)، وبقى محمد (5) وعمر و (6) ابنا علي عليه السلام.
(١) ولله در هذا القائل:
قوم إذا نودوا لدفع ملمة * والخيل بين مدعس ومكردس لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا * يتهافتون على ذهاب الأنفس (٢) وسيأتي التحقيق عن هذا الموضوع تحت عنوان: من الوارث؟ في ص ١٨٦.
(٣) قال العباس عليه السلام لأخيه عبد الله - وكان أكبر اخوانه من أبيه وأمه -: تقدم يا أخي حتى أراك قتيلا، فأحتسبك. (مقاتل الطالبيين ص ٨٢).
وفي رواية أخرى: قال لاخوته: تقدموا يا بني أمي حتى أراكم نصحتم لله ولرسوله.
قال ابن الأثير في الكامل ٤ / ٧٦: إن العباس قال لاخوانه: تقدموا حتى أرثكم فإنه لا ولد لكم.
ففعلوا، فقتلوا.
أقول:
كيف؟ والعباس في تلك الساعات الرهيبة يفكر في المال والمادة الخسيسة ولو كان بهذه الدرجة لقبل الأمان من عبيد الله بن زياد الذي أتى به شمر بن ذي الجوشن ليلة عاشوراء. تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
هذه النفس الأبية مع هذه المصاعب الجسيمة من صياح الأطفال واستشهاد الاخوة والعشيرة، مع أن أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول في حقه: كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة صلب الايمان، جاهد مع أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأبلى بلاء حسنا، ومضى شهيدا. أيعقل في حقه هذه الكلام؟
(٤) قال أبو الفرج الأصفهاني في المقاتل ص ٥٥ عن أبي الفضل العباس: وأمه أم البنين - وهو أكبر ولدها -. وهو آخر من قتل من اخوته لامه وأبيه لأنه كان له عقب ولم يكن لهم. فقدمهم بين يديه، فقتلوا جميعا. فحاز مواريثهم. ثم تقدم، فقتل فورثهم وإياه عبيد الله، ونازعه في ذلك عمه عمرو بن علي فصولح على شئ رضي به.
(٥) قال ابن شهرآشوب في المناقب ٤ / ١١٣: محمد الأصغر بن علي بن أبي طالب لم يقتل لمرضه. أما الخوارزمي فقد ذكر في مقتله ٢ / ٢٨: إن محمدا استشهد في كربلاء. قال الطبري: قتله رجل من تميم من بني أبان بن دارم. وقال الخليفة بن الخياط في تاريخه ١ / ٢٢٥: لن أمه: لبانة بنت عبد الله بن العباس، كنيته: أبا القاسم.
(٦) قال الخوارزمي في مقتله ٢ / ٢٨، والطبري في الذخيرة ص ١٦٤: إنه قتل في كربلاء. وفي السلسلة العلوية ص ٩٦ وفي عمدة الطالب ص ٣٦٢: تخلف عن أخيه الحسين، ولم يسر معه إلى الكوفة، وكان قد دعاه إلى الخروج معه، فلم يخرج. ويقال: إنه لما بلغه قتل أخيه الحسين عليه السلام خرج في المعصفرات له، وجلس بفناء داره، وقال: أنا الغلام الحازم، ولو خرجت معهم لذهبت في المعركة، وقتلت، وعاش مدة 85 سنة. وقد تولى صدقات علي عليه السلام بأمر من الحجاج. وقتل سنة 67 ه، ودفن في ينبع من أرض تهامة.
رثاه سالم بقوله:
صلى الاله على قبر تضمن من * نسل الوصي على خير من سئلا قد كنت أكرمهم كفا وأكثرهم * علما وابرهم حلا ومرتحلا