وتخلفهم عنه غير قليل لا يقوم له ما يريده بهم، وهم الذين خلصوا للحسن عليه السلام.
ووجه إليه معاوية يسأله تسليم الامر إليه، ويدعوه إلى ذلك، ويبذل له ولشيعته وأنصاره الأمان والبر والاكرام، والرغائب الجسام.
فلما لم يجد الحسن غير ذلك أجابه إلى ما لم يجد بدا منه، وما ليس يقطعه عن حقه، ولا يدفعه عن الإمامة له، لان الإمامة حق من حقوق الله عز وجل وأمر من أمره ليس يوجبها لغير أهلها ترك أهلها لا تسليم إياها لمن تغلب عليهم فيها.
كما لم يجب ذلك لمن تقدم [المستأثرين] بها لتسليم صاحبها إياها لمن توثب عليها واغتصبها وذلك مثلما لا خلاف بين الأمة أن الامام إذ استقضى قاضيا أو استعمل عاملا، فسلم ذلك القاضي القضاء، أو ذلك العامل العمالة إلى غيرهما، أو خرجا فما جعل من ذلك لهما أن ذلك لا يوجب لمن خرجا من ذلك إليه أخذه بخروجهما وتسليمهما عن رضا ولا عن كره. والإمامة أعلى وأجل من ذلك وأوجب أن لا يكون إلا لمن جعلها الله له وأقامه لها، وليس التغلب على ظاهر أمرها، مما يزيل من جعلت له عنها سلمها أو لم يسلمها. وعلى الأمة ألا يأتمون إلا بمن جعل الله عز وجل الإمامة له بنص الرسول صلى الله عليه وآله كما تقدم بذلك القول. وبنص امام على إمام إلى أن تقوم الساعة.
فاهتبل معاوية الفرصة وتغلب على ظاهر أمر الإمامة والأمة.
ثم جعل معاوية يبغي بالحسن الغوائل، ويحتال عليه بالحيل ليفتك به كما فتك بأبيه عليه السلام من قبله صلوات الله عليهما. فلم يمكنه من ذلك ما أراد إلا بأن دس إليه من سمه، فمات مسموما عليه السلام.
[معاوية يتآمر] [1065] يحيى بن الحسين بن جعفر، باسناده، أن الحسن عليه السلام سقي السم، وأن معاوية بعث إلى امرأته جعدة بنت الأشعث بن