واستأذنه أبو القاسم بعد ذلك بالحرب، فأذن له، فأظهر أمره، وقام بالحرب، وافتتح مدائن باليمن، وغلب على ملوكها، وافتتح صنعاء، وأخرج بني يعفر منها، وفرق الدعاة في سائر اليمن وما يليه من البلدان، ولم يزل أمره يعلو ويزيد إلى أن كانت فتنة محص الله تعالى المؤمنين منها ومحق الكافرين والمنافقين من بناحيه منها ما نال غيرهم في أخبار يطول شرحها. وتوفي أبو القاسم رحمة الله عليه باليمن في غربة ومنعة وفي وفد من المؤمنين وسعد من الدين، وكانت بعده أحداث وأخبار يطول شرحها.
[في شمال إفريقيا] وآيات المهدي في الدعوة التي أيده الله تعالى بها وأعز نصره بأيدي أهلها وهي الدعوة التي قام بها أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن زاكي (1) الكوفي ببلد كتامة، وقد ذكرنا سيرته فيها من أولها إلى آخرها في كتاب الدولة. ولكنا نذكر في هذا الكتاب طرفا من ذلك لما جرى للمهدي. ونبتدئ أنه قدم إلى المغرب من قبله مدة طويلة رجلان من أهل المشرق ويعرفان [الأول] بالحلواني، والثاني بأبي سفيان. فنزل كل واحد منهما بناحية. فلما صارا إلى مرماجنة نزل أحدهما - وكان يعرف بأبي سفيان - بها بموضع يقال له: تالا في موضع بأرض مرماجنة. بنى فيه مسجد الروم، وتزوج امرأة. وكان له عبد وأمة، وكان عابدا