[ظهور المهدي الفاطمي] فلما آن وقته وحان حين قيامه الذي قدره الله عز وجل فيه وحده له، ودعت الدعاة إليه، وسلم من كان الامر بيده إليه ما كان بيده منه عليه السلام، فقام وحده وأولياءه والدعاة إليه بايعون عنه وحيدا فريدا، كما جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك عنه، وقد طلبه أعداء الله، وأمروا بالقبض عليه، فخرج من محل داره ومكان قراره بنفسه لم يصحبه من أوليائه، ولا حضره أحد، ولا كان معه غير وديعة الله في يديه حجته ووصيه ولي الأمر بعده، وهو حينئذ طفل صغير يقطع به وبنفسه المفاوز، ويجوز المخاوف ويقتحم المتالف، والعيون والرصد عليه، والرسل قد أنفذت إلى كل سلطان بين يديه بأخذه بالقبض عليه بقطع من لدن المشرق إلى أقصى المغرب، سبق أعداء الله المتغلبين في أرضه سبقا، وقد وكلوا بأخذه ويترصدوا الرصد سرا عيونهم عليه، وتفجروا أعينهم إليه، وهو مع ذلك في الهيئة الحسنة، والزي الأنيق، والنعمة الظاهرة، واللباس الحسن، والمركب السني، غير مشهور بزي الفقراء، ولا يظهر حالا من أحوال الوضعاء، ومعه الحدة والأموال والأثقال والجمال والأحمال، يظهر أنه من التجار، وبهاء منظره وظاهره وسره ومخبوبه يدل على ما هو عليه في باطن أمره وانكشف ذلك عنه لكثرة من رآه وصحبه ممن فيه أقل تمييز.
وذكر بعضهم ذلك له وتفاوضوا مما بينهم فيه، والشمس لا يخفي عن ذوي الابصار، والقمر لا يستتر عن النظار، فلم يزل على ذلك، والله يحميه ويستره