جملة منها بعدم روايته عن غير الثقة، وظاهر العدة والذكرى أن ذلك كان معلوما معروفا عندهم، وبعد بلوغ دعوى الاجماع إلى الاستفاضة وامكان علمهم بذلك باخباره المحفوفة بالقرائن، وبتتبعهم في حال مشايخه المحصورين أو بهما، لا ريب في حصول الوثوق والاطمئنان بذلك.
فان كانت الحجة من الخبر ما وثق بصدوره، فلا ريب في استلزام الوثوق بالساقط - بنص هؤلاء - الوثوق بصدور الخبر، بل هو أولى من الخبر الذي وثق آحاد رجال سنده واحدا واثنان، إذ الساقط في مرسل ابن أبي عمير كأنه وثقه كل هؤلاء الذين نسب إليهم مستفيضا العمل به معلا بأنه ثقة.
وان كانت الحجة الخبر الصحيح، وحينئذ فإن قلنا: أن وجه حجية قول المزكى ما دل على حجية قول العادل وتصديق خبره فلا اشكال أيضا، فان الشيخ أخبر جازما بان مشايخ ابن أبي عمير ثقات عند الأصحاب، فيجب تصديقه والاخذ به، كما اخذوا بتوثيقه من كان قبله بأزيد من مائتي سنة.
قال بعض المحققين: لا يقال أن المراد ثقة عند ابن أبي عمير، لان الشيخ لم يوثق كل من روى عنه ابن عمير، وكونه ثقة عند ابن أبي عمير لا يعلم الا من قبله، لأنه فعله، فقول الشيخ: لا يروي إلا عن ثقة خبرا مرسلا، وجوابه منع الحصر لجواز أن يعلم ذلك معاصروه من حاله ويبلغ ذلك حد الاستفاضة حتى يحصل - لمثل الشيخ رضي الله عنه - به العلم، وقول الشيخ لا يروي إلا عن ثقة، خبر من قبل نفسه لم يسنده إلى أحد وظاهره العلم به.
واما قول العلامة: لا يرسل إلا عن ثقة، فان صح عنده ما صح عند الشيخ من أنه لا يروي إلا عن ثقة فذلك ماخذ لكونه لا يرسل إلا عن ثقة، وإن لم يصح عنده فمن الجائز أن يكون الارسال لا للجهل بالراوي مطلقا بل لعدم العلم به بالخصوص، وذلك بان يتردد بين ثقات يحتمل كون كل منهم