شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١١ - الصفحة ٣٦٠
بتخفيف العذاب.
(يا موسى طب نفسا عن الدنيا وانطو عنها) طيب النفس والسرور بالمجاوزة عن الدنيا والانطواء وطي الكشح عنها غاية الزهد فيها ولذلك أمره بهما وعلل الأمرين بقوله: (فإنها ليست لك ولست لها) فإنها باعتبار ما فيها من الزهرات واللذات للفاسقين وروحك المطهر من أعلى عليين، ثم حذره عنها على سبيل الإنكار والتوبيخ في الميل إليها بقوله (ما لك ولدار الظالمين) المغرورين بها والمشغولين بشهواتها (إلا لعامل فيها بالخير فإنها له نعم الدار) فالدنيا ممدوحة باعتبار أنها مضمار للآخرة ومحل لاكتساب الزاد لها وتحصيل مقام القرب والدرجة الرفيعة فيها وإنما ذمها باعتبار ما فيها من الزهرات الشاغلة للمائلين إليها المفتونين بها عن الله تعالى وعن العمل للآخرة وظاهر هذا الاستثناء الانقطاع ويمكن صرفه إلى الاتصال بأن يكون المراد بالظالم العامل بالظلم وهو من حيث هو مع قطع النظر عن تقييده بالظلم يصدق على العامل بالخير فليتأمل.
(يا موسى ما آمرك به فاسمع) كناية عن الأخذ والقبول والعمل به كما في قولنا: إذا نصحتك فاسمع (ومهما أراه فاصنع) أي مهما أراه خيرا لك فاصنع على حذف المفعول الثاني لأن الرؤية بمعنى العلم تتعدى إلى مفعولين (خذ حقايق التوراة إلى صدرك) المراد بحقايقها المعاني الأولية وما فوقها والأسرار الإلهية والنصايح والمواعظ الربانية المذكورة فيها (وتيقظ بها في ساعات الليل والنهار) أي تيقظ بقراءة التوراة والعمل بأحكامها والعلم بحقايقها في جميع الأوقات (ولا تمكن أبناء الدنيا) الذين يميلون وينتسبون إليها كميل الابن وانتسابه إلى أبيه (من صدرك فيجعلونه وكرا كوكر الطير) الوكر بالفتح والتسكين عش الطاير، وإنما نهاه عن تمكينهم من صدره وميل قلبه إليهم لأنهم حينئذ يجعلونه وكرا لأنفسهم ويتصرفونه ويلازمونه كما يلازم الطائر عشه ويتولد منهم حب الدنيا.
(يا موسى أبناء الدنيا وأهلها فتن بعضهم لبعض فكل مزين له ما هو فيه) تأكيد لما مر وتنبيه على ترك مودتهم ومجالستهم لأنهم يزينون زينة الدنيا لجلسائهم قولا وفعلا ويتصرفون في صدورهم تصرفا تاما ويقرب منه قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «ولا ترفعوا من رفعته الدنيا» وذلك لأن من رفعته الدنيا وأهلها لما كان عادلا من التقوى كان الميل إليه واحترامه ومحبته ومجالسته يستلزم المحبة للدنيا والميل إليها فكان منهيا عنه وعدم توقيره ومجالسته زهدا في الدنيا وفي أهلها وهو من جملة التقوى فكان مأمورا به (والمؤمن زينت له الآخرة) زينها الله تعالى بإنزال الكتاب وإرسال الرسول وبيان أوصافها ونعيمها (فهو ينظر إليها ما يفتر) الفتور الضعف والسكون وضد الحدة يقال: طرف فاتر أي حسير كليل ليس بحاد، والمراد بالنظر النظر بالبصيرة القلبية والقوة العقلية الحاصلة بالعلوم الشرعية والرياضة النفسية بعد رفض العلائق وقطع العوائق فهو حينئذ
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب فضل القرآن 3
2 باب فضل حامل القرآن 22
3 باب من يتعلم القرآن بمشقة 31
4 باب من حفظ القرآن ثم نسيه 32
5 باب في قراءته 35
6 باب البيوت التي يقرأ فيها القرآن 36
7 باب ثواب قراءة القرآن 38
8 باب قراءة القرآن في المصحف 43
9 باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن 44
10 باب فيمن يظهر الغشية عند [قراءة] القرآن 52
11 باب في كم يقرأ القرآن ويختم 53
12 باب أن القرآن يرفع كما أنزل 56
13 باب فضل القرآن 57
14 باب النوادر 71
15 كتاب العشرة 89
16 باب ما يجب من المعاشرة 89
17 باب حسن المعاشرة 92
18 باب من يحب مصادقته ومصاحبته 94
19 باب من تكره مجالسته ومرافقته 98
20 باب التحبب إلى الناس والتودد إليهم 105
21 باب إخبار الرجل أخاه بحبه 107
22 باب التسليم 108
23 باب ن يجب ان يبدأ بالسلام 114
24 باب 116
25 باب التسليم على النساء 117
26 باب التسليم على أهل الملل 118
27 باب مكاتبة أهل الذمة 123
28 باب الاغضاء 123
29 باب العطاس والتسميت 125
30 باب وجوب إجلال ذي الشيبة المسلم 132
31 باب اكرام الكريم 133
32 باب حق الداخل 134
33 باب المجالس بالأمانة 134
34 باب في المناجاة 136
35 باب الجلوس 138
36 باب الاتكاء والاحتباء 142
37 باب الدعابة والضحك 144
38 باب حق الجوار 149
39 باب حد الجوار 156
40 باب حسن الصحابة وحق الصاحب في السفر 157
41 باب التكاتب 158
42 باب النوادر 159
43 باب 162
44 باب النهي عن احراق القراطيس المكتوبة 165
45 كتاب الروضة 167
46 صحيفة علي بن الحسين عليهما السلام وكلامه في الزهد 214
47 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 229
48 الخطبة الطالوتية 296
49 حديث أبي عبد الله (عليه السلام) مع المنصور في موكبه 315
50 حديث موسى (عليه السلام) 335
51 رسالة أبي جعفر (عليه السلام) إلى سعد الخير 373
52 رسالة منه (عليه السلام) إليه أيضا 386
53 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 393
54 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 403
55 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 414
56 حديث علي بن الحسين (عليهما السلام) 422
57 حديث النبي (صلى الله عليه وآله) حين عرضت عليه الخيل 426
58 كلام علي بن الحسين (عليه السلام) 433
59 حديث الشيخ مع الباقر (عليه السلام) 444
60 قصة صاحب الزيت 447
61 وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) 449
62 حديث البحر مع الشمس 462
63 حديث الطبيب 470
64 حديث الحوت على أي شيء هو 472
65 حديث الأحلام والحجة على أهل ذلك الزمان 474
66 فهرس الآيات 481