تقولون فيها الكذب لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيامة. قال: فحكى الله قولهم فقال: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت).
* الشرح:
(فقال لي: يا أبا بصير ما تقول في هذه الآية؟) الظاهر أن تقول للخطاب أي ما تقول أنت يا أبا بصير في تفسير هذه الآية (قال: قلت: إن المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أن الله لا يبعث الموتى) أي ينكرون القيامة وحشر الناس فيها (قال: فقال: تبا لمن قال هذا) التب الهلاك والخسران ونصبه على المصدر بإضمار فعل أي ألزم الله هلاكا وخسرانا لمن فسر الآية به وهذا إما خبر أو دعاء وينبغي حمله في مثل أبي بصير على التوبيخ (سلهم) أي أهل العلم العارفين بأحوال المشركين.
(هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزى؟) فإنهم يجيبونك أنهم إنما كانوا يحلفون بهما لا بالله فهذا التفسير ينافي قوله تعالى: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) (قلت جعلت فداك فأوجدنيه) أي بين لي المطلوب من الآية وأظفرني به حتى أعرفه من أوجد فلانا على مطلوبه إذا أظفره به وإنما قلنا: الظاهر أن (تقول) للخطاب لاحتمال أن يكون للغايبة وفاعله العامة ويؤيده قوله «سلهم» و «تبا» لأن الظاهر أن ضمير الجمع للعامة وأن التب لهم على الحقيقة لكنه احتمال بعيد إذ يأباه ظاهر قول أبي بصير «أوجدنيه» مع احتياجه إلى محذوف بغير قرينة ظاهرة فإن قوله «قلت: إن المشركين يزعمون» تقديره حينئذ قلت: يقولون: إن المشركين فليتأمل. (قال: فقال: يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله إليه قوما من شيعتنا بعد موتهم قباع سيوفهم على عواتقهم) القباع بالكسر جمع قبيعة كسفينة وهو ما على طرف مقبض السيف من فضة أو حديد، وقيل: هي تحت شادتي السيف والعاتق المنكب (فيقولون يا معشر الشيعة ما أكذبكم هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب) نسبوا الكذب إلى الشيعة في هذا القول وتعجبوا منه لزعمهم أن الرجعة باطلة وأن هذه الدولة القاهرة لا تحتاج إلى المعاونة بالموتى ثم قالوا ترويجا لكذبهم على سبيل المبالغة: (لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيامة) العيش الحياة عاش يعيش عيشا إذا حيى وأنت خبير بأن قولهم بإبطال الرجعة باطل إذ لا دليل لهم عقلا ونقلا على بطلانه مع دلالة الآيات والروايات على وقوعها في هذه الأمة وفي الأمم السابقة كما في حكاية عزير وموسى وعيسى عليهم السلام ومن البين أن الحكم بعد وجود شيء لا يستحيل وجوده عقلا باعتبار عدم وجدان الدليل على وجوده باطل فكيف إذا وجد الدليل عليه وأما عدم احتياج هذه الدولة القاهرة إلى الاستعانة بالموتى فممنوع وعلى تقدير التسليم يجوز أن يكون فائدة الرجوع إدخال السرور فيهم وتشفى صدورهم من مشاهدة نكال الأعداء واكتسابهم الأجر مرتين.