خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) * الأصل:
21 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عثمان عن سليم بن قيس الهلالي قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه، ثم صلى على النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال:
ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خلتان: اتباع الهوى وطول الأمل أما اتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة، ألا إن الدنيا قد ترحلت مدبرة وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ولكل واحدة بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وإن غدا حساب ولا عمل وإنما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع وأحكام تبتدع، يخالف فيها حكم الله يتولى فيها رجال رجالا، ألا إن الحق لو خلص لم يكن اختلاف ولو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى لكنه يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيخللان معا فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى، إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: كيف أنتم إذ ألبستكم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة فإذا غير منها شيء قيل قد غيرت السنة وقد أتى الناس منكرا. ثم تشتد البلية وتسبى الذرية وتدقهم الفتنة كما تدق النار الحطب، وكما تدق الرحى بثفالها ويتفقهون لغير الله ويتعلمون لغير العمل ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة. ثم أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته فقال: قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمدين لخلافه، ناقضين لعهده مغيرين لسنته ولو حملت الناس على تركها وحولتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لتفرق عني جندي حتى أبقى وحدي أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عزوجل وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم (عليه السلام) فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ ورددت فدك إلى ورثة فاطمة (عليها السلام)، ورددت صاع رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما كان، وأمضيت قطائع أقطعها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ، ورددت دار جعفر إلى ورثته وهدمتها من المسجد ورددت قضايا من الجور قضي بها.
ونزعت نساء تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن واستقبلت بهن الحكم في الفروع والأحكام. وسبيت ذراري بني تغلب. ورددت ما قسم من أرض خيبر. ومحوت دواوين العطايا وأعطيت كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعطي بالسوية ولم أجعلها دولة بين الأغنياء. وألقيت المساحة.