شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١١ - الصفحة ٣٥٦
هو من ذل وانكسار وكل ذلك مكروه عند الله تعالى ولذلك ورد النهي عن إذلال المؤمن نفسه، ووردت الروايات على ترغيب المؤمن في طلب المطالب كلها، قليلها وكثيرها، عظيمها وحقيرها منه تعالى.
(اتخذني جنة للشدايد وحصنا لملمات الأمور) الأمور الملمة هي النازلة من نوازل الدهر ونوائبه الثقيلة على النفس ويتحقق الاتخاذ بالتوجه إليه عند نزولها وقبله، ففيه حث على الدعاء والتضرع والابتهال في جميع الأحوال.
(يا موسى كيف تخشع لي خليقة لا تعرف فضلي عليها؟) المراد بالخليقة الناس وبفضله نعمته وإحسانه ولطفه على عباده وهي باطنة وظاهرة والباطنة ما يكمل به كل شخص ويتم به ماهيته كالقوى وغيرها من الجوارح والأعضاء.
والظاهرة منها ما يتوقف عليها بقاء وجوده واستمراره المقدر من المأكول والمشروب والملبوس وغيرها ومنها ما يتوقف عليه كمال نفسه الناطقة من الأخلاق والأعمال والأوامر والنواهي وإرسال الرسول وإنزال الكتاب والوعد بالثواب والعقاب وغيرها مما نطق به لسان الشرع، إذا عرفت هذا فنقول تخشع الناس وتذللهم لله تعالى متوقف على التصديق بفضله عليهم بالضرورة إذ لا يتخشع ولا يتذلل أحد لمن لا فضل له عليه ولا حاجة له إليه، ولهذا نفى التخشع عمن لم يكن له هذه المعرفة والتصديق، ثم هذا التصديق متوقف على تصور المحكوم به وهو الفضل وهذا التصور متوقف على الإيمان بالفضل والإقرار بوجوده وهذا الإقرار متوقف على الرجاء بالثواب اللازم للفضل وهذا الرجاء متوقف على رفض الدنيا وعدم اتخاذها دار استيطان فأشار إلى الأول وهو توقف هذا التصديق على تصور المحكوم به بقوله (وكيف تعرف فضلي عليها وتصدق به وهي لا تنظر فيه) أي في الفضل ولا تتصوره لإنتفاء التصديق بانتفاء التصور، وأشار إلى الثاني بقوله (وكيف تنظر فيه) أي في الفضل وتتصوره (وهي لا تؤمن به) أي لا تقر بوجوده وأشار إلى الثالث بقوله (وكيف تؤمن به وهي لا ترجو ثوابا) لأن الإقرار بوجود الفضل الذي من جملته الشرع يستلزم الرجاء بالثواب الموعود فيه وانتفاء اللازم يستلزم انتفاء الملزوم، وأشار إلى الرابع بقوله:
(وكيف ترجو ثوابا وهي قد قنعت بالدنيا) وغفلت عن الآخرة (واتخذتها مأوى) أي دار استيطان ومسكن استقرار وركنت إليها ركون الظالمين الخارجين من الدين لأن الرجاء بالثواب يستلزم التمسك بأسبابه والعمل للآخرة وعدم القناعة بالدنيا والركون إليها وانتفاء اللازم دليل على انتفاء الملزوم، ويظهر من هذه المقدمات أن القانع بالدنيا الغافل عن الآخرة مسلوب عنه جميع ما تقدم لأن انتفاء الموقوف عليه والأسباب مستلزم لانتفاء الموقوف والمسببات وليس للدنيا وأهلها ذم أبلغ من هذا والله يعلم.
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب فضل القرآن 3
2 باب فضل حامل القرآن 22
3 باب من يتعلم القرآن بمشقة 31
4 باب من حفظ القرآن ثم نسيه 32
5 باب في قراءته 35
6 باب البيوت التي يقرأ فيها القرآن 36
7 باب ثواب قراءة القرآن 38
8 باب قراءة القرآن في المصحف 43
9 باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن 44
10 باب فيمن يظهر الغشية عند [قراءة] القرآن 52
11 باب في كم يقرأ القرآن ويختم 53
12 باب أن القرآن يرفع كما أنزل 56
13 باب فضل القرآن 57
14 باب النوادر 71
15 كتاب العشرة 89
16 باب ما يجب من المعاشرة 89
17 باب حسن المعاشرة 92
18 باب من يحب مصادقته ومصاحبته 94
19 باب من تكره مجالسته ومرافقته 98
20 باب التحبب إلى الناس والتودد إليهم 105
21 باب إخبار الرجل أخاه بحبه 107
22 باب التسليم 108
23 باب ن يجب ان يبدأ بالسلام 114
24 باب 116
25 باب التسليم على النساء 117
26 باب التسليم على أهل الملل 118
27 باب مكاتبة أهل الذمة 123
28 باب الاغضاء 123
29 باب العطاس والتسميت 125
30 باب وجوب إجلال ذي الشيبة المسلم 132
31 باب اكرام الكريم 133
32 باب حق الداخل 134
33 باب المجالس بالأمانة 134
34 باب في المناجاة 136
35 باب الجلوس 138
36 باب الاتكاء والاحتباء 142
37 باب الدعابة والضحك 144
38 باب حق الجوار 149
39 باب حد الجوار 156
40 باب حسن الصحابة وحق الصاحب في السفر 157
41 باب التكاتب 158
42 باب النوادر 159
43 باب 162
44 باب النهي عن احراق القراطيس المكتوبة 165
45 كتاب الروضة 167
46 صحيفة علي بن الحسين عليهما السلام وكلامه في الزهد 214
47 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 229
48 الخطبة الطالوتية 296
49 حديث أبي عبد الله (عليه السلام) مع المنصور في موكبه 315
50 حديث موسى (عليه السلام) 335
51 رسالة أبي جعفر (عليه السلام) إلى سعد الخير 373
52 رسالة منه (عليه السلام) إليه أيضا 386
53 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 393
54 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 403
55 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 414
56 حديث علي بن الحسين (عليهما السلام) 422
57 حديث النبي (صلى الله عليه وآله) حين عرضت عليه الخيل 426
58 كلام علي بن الحسين (عليه السلام) 433
59 حديث الشيخ مع الباقر (عليه السلام) 444
60 قصة صاحب الزيت 447
61 وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) 449
62 حديث البحر مع الشمس 462
63 حديث الطبيب 470
64 حديث الحوت على أي شيء هو 472
65 حديث الأحلام والحجة على أهل ذلك الزمان 474
66 فهرس الآيات 481