حديث الأحلام والحجة على أهل ذلك الزمان * الأصل:
57 - بعض أصحابنا، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال:
إن الأحلام لم تكن فيما مضى في أول الخلق وإنما حدثت. فقلت: وما العلة في ذلك؟ فقال: إن الله عز ذكره بعث رسولا إلى أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة الله وطاعته فقالوا: إن فعلنا ذلك فما لنا فوالله ما أنت بأكثرنا مالا ولا بأعزنا عشيرة؟ فقال: إن أطعتموني أدخلكم الله الجنة وإن عصيتموني أدخلكم الله النار، فقالوا: ما الجنة والنار؟ فوصف لهم ذلك فقالوا: متى نصير إلى ذلك؟ فقال: إذا متم فقالوا: لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاما ورفاتا، فازدادوا له تكذيبا وبه استخفافا فأحدث الله عزوجل فيهم الأحلام فأتوه فأخبروه بما رأوا وما أنكروا من ذلك فقال: إن الله عزوجل أراد أن يحتج عليكم بهذا، هكذا تكون أرواحكم إذا متم وإن بليت أبدانكم تصير الأرواح إلى عقاب حتى تبعث الأبدان.
* الشرح:
قوله (حديث الأحلام والحجة على أهل ذلك الزمان) الذي حدثت فيه الأحلام وهي حجة على كل من أنكر الحشر إلى آخر الزمان (فقالوا: إن فعلنا ذلك فما لنا.. اه) أي فما لنا من الأجر للطاعة والعبادة وليس لك مال تعطينا ولست أعزمنا عشيرة حتى نطلب العزة والمعاونة منك فأي فائدة لنا في ذلك (فقال إذا متم) دل على دخول الناس بعد الموت في الجنة أو النار (فقالوا: لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاما ورفاتا) رفاة كغراب الحطام وهو ما كسر ودق رفته يرفته كسره ودقه فانكسر واندق لازم ومتعد، ومرادهم من هذا القول أن أمواتهم صاروا كذلك ولم يدخلوا الجنة ولا النار ولم يعاقبوا وأنهم إذا صاروا كذلك يحيون ويدخلون النار فأحدث الله عز وجل فيهم الأحلام المعذبة لأرواحهم والحلم بضم الحاء وسكون اللام مصدر حلم بفتحهما إذا رأى في منامه حسنا أو مكروها ويجمع على أحلام في القلة وعلى حلوم في الكثرة، وقيل: الحلم اسم لما يراه النائم مثل رؤيا لكن غلب اسم الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبيح وقد يستعمل كل منهما في موضع الآخر وإنما جمع هاهنا وهو مصدر لاختلاف أنواعه، قال محيي الدين اختلف الناس في حقيقة الرؤيا ولغير الإسلاميين فيها أقوال منكرة وسبب خطئهم أن الرؤيا لا تعلم بالعقل ولا يقوم عليها البرهان وهم لا يصدقون بالسمع فلذلك اضطربت أقوالهم فمن ينتحل الطب منهم ينسب جميع الرؤيات إلى الاخلاط ولبعض أئمة الفلاسفة تخليط طويل