باب فيمن يظهر الغشية عند [قراءة] القرآن * الأصل:
1 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن إسحاق الضبي: عن أبي عمران الأرمني، عن عبد الله بن الحكم، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت: إن قوما إذا ذكروا شيئا من القرآن أوحد ثوابه صعق أحدهم حتى يرى أن أحدهم لو قطعت يداه أو رجلاه لم يشعر بذلك؟
فقال: (سبحان الله ذاك من الشيطان ما بهذا نعتوا، إنما هو اللين والرقة والدمعة والوجل).
أبو علي الأشعري، عن محمد بن حسان عن أبي عمران الأرمني، عن عبد الله بن الحكم، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله.
* الشرح:
قوله: (إن قوما إذا ذكروا شيئا من القرآن) أي قرؤوها (أو حدثوا به) أي تعريفه وبيانه وهو عطف على شيئا وكونه ماضيا مجهولا لا معطوفا على ذكروا بعيد جدا.
(صعق أحدهم) أي غشي عليه (حتى يرى أن أحدهم) يرى مبني للمفعول من أراه أرائة أي يظن أو من الرؤية، وأحدهم من باب وضع الظاهر موضع الضمير.
(لو قطعت يداه أو رجلاه لم يشعر بذلك) لزوال العقل والحس (فقال: سبحان الله) استعجاب أو استبعاد مما ذكر أو تنزيه لله تعالى أن يكون ذلك من قبله وهو أنسب بقوله:
(ذاك من الشيطان) لتصرفه فيه حتى جعله على هذه الحالة أو لإغوائه حتى يتصنع ذلك لإظهار كماله عند الناس (ما بهذا نعتوا) أي ما بهذا وصف الذين لهم أهلية التأثر من القرآن (إنما هو) أي نعتهم ووصفهم:
(اللين والرقة والدمعة والوجل) قال الله تعالى (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذ تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا) وقال: (إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم).. إلى قوله (ويخرون للأذقان ويبكون ويزيدهم خشوعا) وهذه الأوصاف وهي الوجل وزيادة الإيمان والخشوع والبكاء والخرور للأذقان لا تنفك عن اللين والرقة والدمعة؟ والظاهر أنه لا منافاة بين هذا الخبر وما مر من خبر السكوني الدال على صعق المار من حسن صوت علي بن الحسين (عليهما السلام) بالقراءة لجواز أن يكون هذا التأثير لصوت الإمام دون غيره، ويؤيده ما مر في ذلك الخبر من أن الإمام لو أظهر من ذلك شيئا لما احتمله الناس من حسنه على أنه يمكن أن يكون المراد بهذا الخبر هو الحث على ضبط النفس حتى لا تبلغ تلك الحالة الموجبة لزوال العقل والحرمان عن ثواب سماع الأسرار القرآنية.