قبل أخيه.
(فكيف تثق بالصاحب بعد الأخ والوزير) يعني لم تبق الوثوق بالأخ مع كمال قربه منك وحمله الثقل عنك فكيف تثق بغيره وفيه مبالغة في الحزم وإخفاء النعم عن الغير لكثرة أهل الحسد (يا موسى ضع الكبر ودع الفخر) الكبر رذيلة تحت الفجور مقابل التواضع وهو أن يعتقد الإنسان أنه أعظم من الغير بأن يرى لنفسه مرتبة من الحال والكمال أو المال والنسب وللغير مرتبة ثم يعتقد أن مرتبته فوق مرتبة ذلك الغير ويوجب ذلك نفحة وهزة وتعززا وتعظما وركونا إلى ما اعتقد من كمالها وشرفها على الغير ولو حصل لها هذه الأمور مع قطع النظر عن الغير كان ذلك عجبا، وآفات الكبر وثمراته الفاسدة من الأعمال الباطنة والظاهرة والتروك كثيرة غير محصورة ذكرنا بعضها في شرح الأصول، والفخر التمدح بالخصائل وإظهار السرور بالفضائل ونحوها والركون إليها لا من جهة إضافتها إلى الله عز وجل باعتبار أنها منه ومن جلائل نعمه عليه وأما لو ذكرها ونسبها إليه تعالى لإظهار شكره فليس ذلك بفخر ولذلك قال (صلى الله عليه وآله): «أنا سيد أولاد آدم ولا فخر» (واذكر أنك ساكن القبر) في الحال أو في المآل والأول أظهر لأن اسم الفاعل في الاستقبال مجاز وقوله عليه السلام:
«موتوا قبل أن تموتوا» إشارة إلى هذا (فليمنعك ذلك من الشهوات) لأن ذكر الموت الذي هو هادم اللذات يمنع النفس عن الميل إلى الشهوات ويبعثها على المسارعة إلى الخيرات فكيف فرض حصوله بالفعل.
(يا موسى عجل التوبة وأخر الذنب) تعجيل التوبة من الذنوب والتقصير مطلوب لدلالة الآيات والروايات على أنها فورية ولأن رفع سواد الذنب قبل استقراره وتمكنه في لوح النفس أسهل مع إمكان ورود الموت قبلها بغتة وهو مستلزم لشدة الحسرة وطول الندامة يوم القيامة وكذا تأخير الذنب مطلوب فلعل الله يحول بينك وبينه ويصرف نفسك عنه برحمته ويمكن أن يكون تأخيره كناية عن تركه رأسا وصرف النفس عن الميل إليه قطعا، روي «إن ترك الذنب أسهل من التوبة عنه».
(وتأن في المكث بين يدي في الصلاة) المكث مثلثا ويحرك اللبث والتأني التلبث فالتأني في المكث تأكيد ومبالغة فيه روي: «إن ملكا موكل ينادي لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل» (ولا ترج غيري) صرف وجه الرجاء إليه لا إلى غيره في الأمور الأخروية مثل الثواب ورفع الدرجات وغيرهما ظاهر ولكن لابد من العمل لها لئلا يكون ذلك الرجاء سفها وحمقا كما دلت عليه الروايات وكذا في الأمور الدنيوية لأنها أما أسباب أو مسببات وزمام كلها بيد قدرته فلو كان في حصول المرجو مصلحة حصل له في أقرب الأوقات من غير أن يذل نفسه ويضطرب برجاء غيره، إذ قد لا يكون ذلك الغير محلا لرجائه أو كان ولا يقضيه أو يقتضيه ويمن عليه ولو لم يمن لم يخرج