خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) وهي خطبة الوسيلة * الأصل:
4 - محمد بن علي بن معمر، عن محمد بن علي بن عكاية التميمي، عن الحسين بن النضر الفهري، عن أبي عمرو الأوزاعي، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقلت: يا بن رسول الله قد أرمضني اختلاف الشيعة في مذاهبها فقال: يا جابر ألا أوقفك على معنى اختلافهم من أين اختلفوا ومن أي جهة تفرقوا؟ قلت: بلى يا بن رسول الله.
قال: فلا تختلف إذا اختلفوا يا جابر إن الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في أيامه، يا جابر اسمع وع، قلت: إذا شئت، قال: اسمع ودع وبلغ حيث انتهت بك راحلتك إن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه فقال: الحمد لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده وحجب العقول أن تتخيل ذاته لامتناعها من الشبه والتشاكل بل هو الذي لا يتفاوت في ذاته ولا يتبعض بتجزئة العدد في كماله، فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن ويكون فيها لا على وجه الممازجة، وعلمها لا بأداة، لا يكون العلم إلا بها وليس بينه وبين معلومه علم غيره به كان عالما بمعلومه، إن قيل: كان فعلى تأويل أزلية الوجود وإن قيل: لم يزل، فعلى تأويل نفي العدم، فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه واتخذ إلها غيره علوا كبيرا.
نحمده بالحمد الذي ارتضاه من خلقه وأوجب قبوله على نفسه وأشهد أن لا إله إلا الله حده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، شهادتان ترفعان القول وتضاعفان العمل، خف ميزان ترفعان منه وثقل ميزان توضعان فيه وبهما الفوز بالجنة والنجاة من النار والجواز على الصراط بالشهادة تدخلون الجنة بالصلاة تنالون الرحمة، أكثروا من الصلاة على نبيكم (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) صلى الله عليه وآله وسلم تسليما.
أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الإسلام ولا كرم أعز من التقوى ولا معقل أحرز من الورع ولا شفيع أنجح من التوبة ولا لباس أجمل من العافية ولا وقاية أمنع من السلامة ولا مال أذهب بالفاقة من الرضى بالقناعة ولا كنز أغنى من القنوع ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة وتبوأ خفض الدعة، والرغبة مفتاح التعب والاحتكار مطية النصب والحسد آفة الدين والحرص داع إلى التقحم في الذنوب وهو داع إلى الحرمان والبغي سائق إلى الحين والشره جامع لمساوي العيوب