شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١١ - الصفحة ٣٥٤
ومستحقر لها، وعدو للمنعم عليه متعرض للإضرار به على قدر الإمكان وضرره عليه أمر مجرب معلوم لمن نظر في كتب السير والآثار حتى خربت به البيوتات والديار وعدو نفسه وجسده كما أشار إليه بعض شراح نهج البلاغة أما لنفسه فلأنه يصرف فكرها في أمر المحسود حتى لا تفرغ للتصرف فيما يعود نفعه إليها وينسى ما حصل لها من الحسنات المنقوشة في جوهرها وتضمحل تلك الحسنات على طول الحسد واشتغال الفكر فيه وطول الحزن والهم بالكلية وأما لجسده فلأنه يعرض له عند حدوث هذه الأعراض للنفس طول السهر وسوء الاغتذاء ورداءة اللون وسوء السجية وفساد المزاج وتعطيل الجوارح عن الأعمال الحسنة.
إذا عرفت هذا فنقول استعار لفظ الأكل لكون الحسد ماحيا لما في النفس والجوارح من الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة التي هي الحسنات ومانعا من صيرورتها ملكات وذلك بسبب استغراقه في حال المحسود واشتغاله به وشبه ذلك بأكل النار الحطب ووجه التشبيه ما يشترك فيه الحسد والنار من إفناء الحسنات والحطب واستهلاكهما.
(يا موسى إن ابني آدم) من صلبه هابيل وقابيل والقول بأنهما لم يكونا من صلبه وأنهما رجلان من بني إسرائيل ضعيف (تواضعا) من المواضعة وهي الموافقة في أمر، لا من التواضع بمعنى التخاشع والتذلل والتخاضع لعدم تحقق هذا المعنى في أحدهما وهو قابيل (في منزلة لينالا بها من فضلي ورحمتي) لعل المراد بالمنزلة منزلة الكرامة والشرف والقرب بالحق (فقربا قربانا) كان قربان هابيل كبشا من أفضل أفراد غنمه فقبل بنزول النار البيضاء عليه وأكلها له وكان قربان قابيل من أخس أفراد زرعه وأرداه فلم يقبل.
والمراد بالقربان هنا ما يتقرب به إلى الله من الذبيحة وغيرها وهو في الأصل مصدر ولذلك لم يثن مع أن المراد منه اثنان، وقيل: تقديره فقرب كل واحد منهما قربانا فلا يحتاج إلى التثنية (ولا أقبل إلا من المتقين) فقبل من هابيل لأنه كان من أهل التقوى لا من قابيل لمعصيته وخسة قربانه وعدم خلوص نيته.
قال جماعة منهم الفاضل الأردبيلي: فيه دلالة على أن قبول الطاعة مشروط بالتقوى وأن عبادة الفاسق غير مقبولة وإن كانت صحيحة إذا وقعت على وجهها، ثم قال هذا الفاضل: يمكن أن يقال:
المراد أن قبول العبادة مشروطة بالتقوى في تلك العبادة بأن يأتي بها بحيث لا تكون عصيانا مثل أن يقصد الرياء أو غيره من المفسدات، أو بالتقوي عن ذنب ينافي تلك العبادة فيكون إشارة إلى أن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده، وقال بعض المتأخرين يمكن أن يكون المراد أن التقوي شرط لقبول مثل هذه العبادة المخصوصة وهي القربان بهذا الوجه وكان من شأنهما ما علمت من قتل قابيل هابيلا حسدا عليه وكان ينبغي أن يقتل نفسه لأن سبب عدم القبول كان من قبله لا من
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب فضل القرآن 3
2 باب فضل حامل القرآن 22
3 باب من يتعلم القرآن بمشقة 31
4 باب من حفظ القرآن ثم نسيه 32
5 باب في قراءته 35
6 باب البيوت التي يقرأ فيها القرآن 36
7 باب ثواب قراءة القرآن 38
8 باب قراءة القرآن في المصحف 43
9 باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن 44
10 باب فيمن يظهر الغشية عند [قراءة] القرآن 52
11 باب في كم يقرأ القرآن ويختم 53
12 باب أن القرآن يرفع كما أنزل 56
13 باب فضل القرآن 57
14 باب النوادر 71
15 كتاب العشرة 89
16 باب ما يجب من المعاشرة 89
17 باب حسن المعاشرة 92
18 باب من يحب مصادقته ومصاحبته 94
19 باب من تكره مجالسته ومرافقته 98
20 باب التحبب إلى الناس والتودد إليهم 105
21 باب إخبار الرجل أخاه بحبه 107
22 باب التسليم 108
23 باب ن يجب ان يبدأ بالسلام 114
24 باب 116
25 باب التسليم على النساء 117
26 باب التسليم على أهل الملل 118
27 باب مكاتبة أهل الذمة 123
28 باب الاغضاء 123
29 باب العطاس والتسميت 125
30 باب وجوب إجلال ذي الشيبة المسلم 132
31 باب اكرام الكريم 133
32 باب حق الداخل 134
33 باب المجالس بالأمانة 134
34 باب في المناجاة 136
35 باب الجلوس 138
36 باب الاتكاء والاحتباء 142
37 باب الدعابة والضحك 144
38 باب حق الجوار 149
39 باب حد الجوار 156
40 باب حسن الصحابة وحق الصاحب في السفر 157
41 باب التكاتب 158
42 باب النوادر 159
43 باب 162
44 باب النهي عن احراق القراطيس المكتوبة 165
45 كتاب الروضة 167
46 صحيفة علي بن الحسين عليهما السلام وكلامه في الزهد 214
47 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 229
48 الخطبة الطالوتية 296
49 حديث أبي عبد الله (عليه السلام) مع المنصور في موكبه 315
50 حديث موسى (عليه السلام) 335
51 رسالة أبي جعفر (عليه السلام) إلى سعد الخير 373
52 رسالة منه (عليه السلام) إليه أيضا 386
53 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 393
54 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 403
55 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 414
56 حديث علي بن الحسين (عليهما السلام) 422
57 حديث النبي (صلى الله عليه وآله) حين عرضت عليه الخيل 426
58 كلام علي بن الحسين (عليه السلام) 433
59 حديث الشيخ مع الباقر (عليه السلام) 444
60 قصة صاحب الزيت 447
61 وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) 449
62 حديث البحر مع الشمس 462
63 حديث الطبيب 470
64 حديث الحوت على أي شيء هو 472
65 حديث الأحلام والحجة على أهل ذلك الزمان 474
66 فهرس الآيات 481