الجنة ومن ألم الفراق من الحق إلى لذة الوصال به إلى غير ذلك وإليه أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله «واعلموا أن من يتق الله يجعل له مخرجا من الفتن ونورا من الظلم ويخلده فيما اشتهت نفسه وينزله منزل الكرامة عنده في دار اصطنعها لنفسه» وهذه كناية عن الجنة ونسبها إلى نفسه تعظيما لها وترغيبا فيها والجنة الحسية أشرف المقامات لأشرف المخلوقات وكذا الجنة العقلية وهي درجات الوصول والاستغراق في المعارف الإلهية التي بها السعادة والبهجة الأبدية والتقوى أعظم الأسباب لهما (إياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم ويأمن العقوبة من ذنبه) كمن وعظ وأمر ونهى غيره وخالف ونسي نفسه ومن اغتاب أحدا على ذنبه أو كرهه وهو يعمله ولا يكره ذنب نفسه (فإن الله عز وجل لا يخدع عن جنته ولا ينال ما عنده إلا بطاعته إن شاء الله) أشار إلى أنه تعالى ليس بجاهل ولا غافل عما يعمله العباد من الطاعة والمعصية فيرد المستحق للجنة والثواب ويكرم المستحق للعقوبة والعذاب كما هو شأن كثير من الناس بل هو عالم بكل شيء وحقيقته فنزل كل أحد في منزله ومرتبته.
* الأصل:
10 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن عيثم بن أشيم، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خرج النبي (صلى الله عليه وآله) ذات يوم وهو مستبشر يضحك سرورا فقال له الناس: أضحك الله سنك يا رسول الله وزادك سرورا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا ولي فيها تحفة من الله، ألا وإن ربي أتحفني في يومي هذا بتحفة لم يتحفني بمثلها فيما مضى، إن جبرئيل أتاني فأقرأني من ربي السلام وقال: يا محمد إن الله عزوجل اختار من بني هاشم سبعة، لم يخلق مثلهم فيمن مضى ولا يخلق مثلهم فيمن بقي: أنت يا رسول الله سيد النبيين وعلي بن أبي طالب وصيك سيد الوصيين والحسن والحسين سبطاك سيدا الأسباط وحمزة عمك سيد الشهداء وجعفر ابن عمك الطيار في الجنة يطير مع الملائكة حيث يشاء ومنكم القائم يصلي عيسى بن مريم خلفه إذا أهبطه الله إلى الأرض من ذرية علي وفاطمة من ولد الحسين (عليهم السلام).
* الشرح:
(خرج النبي (صلى الله عليه وآله) ذات يوم) الذات في مثله بمعنى النفس يقال: أتيت ذات يوم أي يوما كما صرح به في كنز اللغة (وهو مستبشر يضحك سرورا) قيل: الضحك حالة تغير يوجبها سرور يغلب فينشط لها عروق القلب فيجري فيها الدم فيفيض إلى سائر عروق الجسد فيثور لذلك حرارة ينبسط لها الوجه ويضيق وينفتح عنها الغم وهو التبسم فإذا زاد السرور تمادى ولم يضبط الإنسان نفسه قهقه (فقال له الناس أضحك الله سنك وزادك سرورا) السن الضرس بالكسر فيهما وجعله مفعول