(ورأيت الرجل يمشي نشوان) في النهاية: الانتشاء أول السكر ومقدماته، وقيل: هو السكر نفسه ورجل نشوان بين النشوة (ويصبح سكران) السكر بضم السين وسكون الكاف حالة السكران، وفي كنز اللغة: سكران مست (لا يهتم بما الناس فيه) من خير وشر والاهتمام إما من هم بالأمر إذا عزم عليه ليفعله أو من همه الأمر هما فاهتم إذا حزنه، وفي كنز اللغة: اهتمام تيمار كردن وكوشيدن وشفقت داشتن واندوه خوردن، ولعل المراد أنه لا يعزم بما هم فيه من خير ليفعله أو لا يحزن بما هم فيه من شر ليدفعه عنهم وعن نفسه (ورأيت البهائم تنكح) لتجاوز القوة الشهوية عن حد العدل مع ضعف القوة العقلية عن معرفة قبح ذلك وسوء خاتمته وعن درك الأحكام الشرعية فينسلك في سلك البهائم.
(ورأيت البهائم يفرس بعضها بعضا) لعله إشارة إلى خروج يأجوج ومأجوج وأكل بعضهما بعضا فإنه من أشراط الساعة أو إلى كثرة الشرور حتى سرت إلى البهائم أو إلى عدم زجرها عن ذلك يقال: أفرس الرجل الأسد حماره إذا تركه له ليفترسه، وفي بعض النسخ «يورش بعضها بعضا» وهو الأظهر والتوريش التحريش وهو الإغراء بين البهائم (ورأيت الرجل يخرج إلى مصلاه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه) بالاختلاس أو السرقة أو الغصب (ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم وثقل الذكر عليهم) فلا يرحم على نفسه ولا على غيره ولا يبكي خوفا من الآخرة ولا يذكر الله تعالى بالقلب واللسان وكل ذلك من آثار قساوة القلب وهي صلابته وغلظته وشدته المانعة من إدراك الخير والميل إليه.
(ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه) السحت بالضم وبضمتين الحرام الذي لا يحل كسبه لأنه يسحت البركة ويذهبها أو ما خبث من المفاسد فلزم عنه العار (ورأيت المصلي إنما يصلي ليراه الناس) ويعتقدوا أنه عبد صالح ليسعوا في رفع حاجاته وتحصيل مقاصده ومتمنياته (ورأيت الفقيه يتفقه) أي يطلب الفقه ويتعلمه (لغير الدين يطلب الدنيا والرئاسة) جواز رئاسته بل وجوبها في بعض الأوقات وحصول الدنيا بسبب فقاهته من الجهات المشروعة لا يقتضي جواز قصده ذلك في التفقه (ورأيت الناس مع من غلب) من أهل الدنيا على الغير كما هو شأن الجهلة يميلون إلى الغالب الفاسق من السلاطين والأمراء ويعرضون عن الأولياء وإن كانوا من أوصياء الأنبياء (ورأيت طالب الحلال يذم ويعير، ورأيت طالب الحرام يمدح ويعظم) فإن أهل الدنيا إذا مالوا إلى دنياهم يحبون جمع المال وإن كان بالنهب والغصب وغيرهما من وجوه الحرام فمن خالف طوره طورهم يذمونه ويحقرونه ويسمونه سفيها أو ضعيفا ومن وافق طوره طورهم يمدحونه ويعظمونه ويسمونه عظيما رشيدا وهكذا حال أكثر الناس ولكن إذا بلغ ذلك حد الكمال كان من أشراط الساعة.