كما تمتشط المرأة لزوجها ولعل تخصيص ولد العباس بالذكر للتمثيل أو لبيان الواقع وإلا فكل من تصنع به فهو مثلهم (وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم) يحتمل إعطاء الفاعل المفعول لتمكينه على ما أراد منه وإعطاء المفعول الحكام لتمكينهم له على عمله كما تعطي الفواحش من النساء (وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال) التنافس والمنافسة الرغبة في الشيء والانفراد به لكونه جيدا في نوعه والتغاير من الغيرة وهي الحمية والأنفة يقال: رجل غيور وامرأة غيور بلا هاء لأن فعولا يشترك فيه الذكر والأنثى والظاهر أن في الرجل قائم مقام الفاعل وأن ضمير عليه راجع إليه أي رغب في الرجل وهو مرغوب له لنوع من الحسن والجمال وتغاير عليه الرجال حسدا كما تغاير النساء على ضرتهن عند إرادة الزوج لها (وكان صاحب المال أعز من المؤمن) باعتبار ترجيح المال على الإيمان والدنيا على الآخرة لفساد الطبيعة وزوال البصيرة (وكان الربا ظاهرا لا يغير) بالغين المعجمة وفي بعض النسخ بالعين المهملة والأول أظهر (وكان الزنا تمتدح به النساء) وهو مضاد لحكم الله تعالى حيث أمر بالنهي عنه ومحرك لهن وللرجال على الفساد (ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال) المصانعة الرشوة والمداراة والمداهنة ولعل المراد أنها تعطيه مالا ليرضى به على زنائها (ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهن) بإذنهن على الخروج والبروز والصحبة مع الرجال والميل إلى الملاهي والزنا ونحوها.
(ورأيت المؤمن محزونا محتقرا ذليلا) لما رآه من زوال الدين واندراس الإيمان ورواج الكفر وظهور العصيان وعزة أهل الفجور وغلبة أهل الطغيان وهو محتقر ذليل بينهم لا يجد ناصرا يعينه ولا مغيثا يغيثه (ورأيت البدع والزنا قد ظهر) لطغيان القوة الشهوية وضعف القوة العقلية واتصافها بالجهل والبدعة خلاف ما نطق به الشرع على وجه العموم أو الخصوص.
(ورأيت الناس يعتدون بشهادة الزور) يعتدون إما بتخفيف الدال من الاعتداء وهو التجاوز عن الحد والخروج عن الوضع الشرعي أو بتشديدها من الاعتداد وفي بعض النسخ «يقتدون» بالقاف من الاقتداء وفي بعضها: بشاهد الزور.
(ورأيت الحلال يحرم ورأيت الحرام يحلل) إما عمدا لأخذ رشوة أو لغيرها من الأغراض النفسانية أو خطأ لظنه أن القياس والاستحسان ونحوهما من الأمور المخترعة حجة شرعية وهذه الرؤية غير مختصة بالعالم لأن الحكم قد يكون ضروريا يعرفه غيره أيضا (ورأيت الدين بالرأي وعطل الكتاب وأحكامه) وإن وافق الرأي حكم الكتاب أو كان صاحب الرأي على ملة أهل البيت عليهم السلام بل استعمال الرأي منه أقبح (ورأيت الليل لا يستخفى به من الجرأة على الله) أي لا يترك بسبب الجرأة على الله بالزنا والقتل والنهب والسرقة ونحوها يقال: استخفى من الشيء إذا استتر وتوارى منه بالبعد والفرار عنه والغرض الأصلي من تقدير الليل وخلقه هو السكون عن