الحركات والأفعال الموافقة للقوانين الشرعية وغيرها فكما أن من ارتكب الأولى كان في غاية الحرص في الدنيا كذلك من ارتكب الثانية كان في نهاية الشقاوة والجرأة على الله (ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلا بقلبه) لقوة أهل الباطل وضعف أهل الحق فلا يقدر المؤمن على إظهاره خوفا من الضرر على نفسه وعرضه وعياله وإخوانه وأما الإنكار بالقلب وهو الاعتقاد بوجوب ما يترك وتحريم ما يفعل وعدم الرضا به مع بغض التارك والفاعل لله تعالى فهو واجب على كل مؤمن غير مشروط بشيء.
(ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عز وجل) كالزنا والشرب ومعونة الظالمين ونحوها والفرق بينه وبين ما سبق من قوله (ورأيت الرجل ينفق ماله في غير طاعة الله فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه) أن الغرض هنا بيان الفساد من جهة الإنفاق وفي السابق بيانه من جهة ترك النهي عنه وعدم الحجر (ورأيت الولاة يقربون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير) أن اريد بالكفر جحود الرب والرسالة أو الولاية كان المراد بالخير الإيمان بها وان أريد به أعم من المذكور ومن كفر المخالفة بترك المأمور به وفعل المنهي عنه ومن كفر النعمة بترك الشكر عليها كان المراد بالخيرات أيضا أعم مما ذكر ومن الطاعة والشكر على النعمة فيندرج الفاسق في الأول والصالح في الثاني ومنشأ صدور هذا الفعل من الولاة خروجهم من الدين أو ضعفهم فيه والغرض منه ترويج الكفر ورفعه وتحقير الحق ووضعه.
(ورأيت الولاة يرتشون في الحكم) أي يأخذون الرشوة وهي مثلثة الجعل (ورأيت الولاية قبالة لمن زاد) الولاية بالكسر الإمارة والقبالة بالفتح مصدر بمعنى الكفالة والضمان ثم صار اسما لما يتقبله العامل من المال وحملها على الولاية من باب حمل السبب على المسبب للمبالغة في السببية، وفي بعض النسخ «لمن أراد» (ورأيت ذوات الأرحام ينكحن ويكتفي بهن) مع العلم بالتحريم أو عدمه أو عدم الإعتقاد بالتحريم أصلا.
(ورأيت الرجل يقتل على التهمة وعلى الظنة) التهمة من الوهم وهو من خطرات القلب أو مرجوح طرفي المتردد فيه وقد تطلق على الظن وهو التردد والراجح بين طرفيه والاعتقاد الغير الجازم، والظنة بالكسر التهمة والشك (ويتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله) الظاهر أن يتغاير عطف على يقتل وأن الذكر مفعوله أي ورأيت الرجل يتغاير الذكر على رجل فيبذل لذلك الرجل نفسه وماله ويفديهما له والحاصل أنهما يتغايران عليه ويريد كل واحد انفراده به كما هو المعروف بين العشاق (ورأيت الرجل يعير على إتيان النساء) لتحريصه على إتيان الرجال، ويعير يحتمل المجهول والمعلوم والأول أظهر لاحتياج الثاني إلى تقدير مفعول (ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور يعلم ذلك ويقيم عليه) الظاهر من الفجور هو الزنا ويحتمل الأعم منه