الخراب فرارا من الجور (ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان) البخس النقص والظلم والغبن وهما مفعال من الكيل والوزن والميم فيهما للآلة والذهب والفضة موزونان خاصة بالمثاقيل والدوانيق وأما غيرهما من الأجناس المقدرة بأحدهما فكل ما كان في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) مقدرا بأحدهما بني عليه وإلا فلكل بلد حكمه في اعتبارهما.
(ورأيت سفك الدماء يستخف بها) قتلا وجرحا بالاستحلال أو التهوين أو الإهدار (ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا) العرض بالتحريك متاع الدنيا وحطامها وفي بعض النسخ بالغين المعجمة وذمه هنا من وجهين حب الدنيا وطلب الرئاسة وقد روي عنه عليه السلام: إن من طلب الرئاسة هلك، لضرورة أن الرئاسة حق العالم الرباني الخالص عن الفساد النفساني لأن التصرف والتدبير في أمور الخلق وإجراء الأحكام عليهم وإقامة العدل بينهم موقوف على العلم بالقوانين الشرعية كلها ومعرفة مراتب أحوال الناس وطهارة النفس واتصافها بجميع الكمالات وتنزهها عن جميع المهلكات فمن ملك الرئاسة من الجهلة أفسد الشرع ونظام الخلق في أول الوهلة (ويشهر نفسه بخبث اللسان ليتقى وتسند إليه الأمور) يعني ذلك الرجل يشهر نفسه الأمارة وذاته المكارة بخبث اللسان التابع لفساد قواه وقوة هواه ليتقيه الناس من خبث لسانه ويسندوا إليه الأمور العرفية والدينية خوفا منه فيتم له أمر الرياسة كما هو شأن الرؤساء الجاهلين والأمراء الفاسقين.
(ورأيت الصلاة قد استخف بها بتركها) أو ترك شيء من شرائطها أو شيء من الأمور المعتبرة فيها أو عدم الإتيان بها في أوقاتها أو فعل ما ينافي كمالها أو عدم حضور القلب فيها (ورأيت الرجل عنده المال الكثير) وهو ما بلغ نصابا فصاعدا (لم يزكه منذ ملكه) لعدم اعتقاده بوجوبها أو لبخله عن إخراجها (ورأيت الميت ينبش من قبره) النبش إبراز الشيء المستور وكشف الشيء عن الشيء ومنه النباش وفي بعض النسخ ينشر (ويؤذى وتباع أكفانه) إيذاؤه عبارة عن غضب بيته وإخراجه منه وإحراق عظامه وأخذ أكفانه وأمثال ذلك وذكر البيع على سبيل التمثيل والاختصار لأن جميع التصرفات مثله (ورأيت الهرج قد كثر) قال عياض: الهرج الاختلاط، وقال ابن دريد:
الهرج الفتنة في آخر الزمان.
وقال صاحب القاموس: هرج الناس يهرجون وقعوا في فتنة واختلاط، وقال صاحب النهاية: فيه بين يدي الساعة هرج أي قتال واختلاط وقد هرج الناس يهرجون هرجا إذا اختلطوا وأصل الهرج الكثرة والاتساع، وقال صاحب الكنز: الهرج بسيار قتل كردن وگشتن وآشوب وفتنة شدن وسر گشته شدن، وروى مسلم عن النبي (صلى الله عليه وآله) «والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل».