ورسوله..) الآية.
(فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان.. اه) حيث اجتمعت طائفة من الأنصار عليه في سقيفة بني ساعدة وأرادوا أن يأخذوا له البيعة فحضر الأول والثاني مع أتباعهم فقالوا: إنه (صلى الله عليه وآله) مضى ولم يستخلف أحد ولابد من خليفة لحفظ بيضة الإسلام وكل واحد من الفريقين يدعي أن يكون الخليفة منهم ويذكر لمطلبهم مرجحات حتى علت الأصوات واشتدت المناظرة فبادر عمر وبعض المنافقين إلى بيعة أبي بكر واستقر الأمر فيه طوعا وكرها.
(وعن قليل يجدون غب ما يعملون) الغب بالكسر عاقبة الشيء وفيه وعيد لهم بأنهم يجدون جزاء عملهم عند الموت وبعده (وسيجد التالون غب ما أسسه الأولون) وعيد للتالين عن متابعة هذه السنة المتبعة التي أسسها الأولون وكون المراد منهم من يعرف قبحها ويحترز عنها بعيدا جدا (ولئن كانوا في مندوحة من المهل) أي من رفق الله تعالى بهم أو من تأخيرهم أو من تقدمهم في الدنيا وخيراتها والمهل بالتسكين وقد يحرك والمهلة بالضم الرفق والتأخير وبالتحريك التقدم.
(وشفاء من الأجل) الأجل يطلق على مدة العمر وعلى غايته أيضا وهي وقت الموت ولعل المراد أنهم في صحة الأجسام والأبدان من تمام العمر على أن يكون الشفاء بالكسر والمد وهو الدواء والبرء من المرض كناية عنها أو في طرف من غايته على أن يكون الشفاء بالفتح والقصر ولكن رسم الخط يأباه أو على شقاوة منهم على أن يكون بالقاف كما في بعض النسخ والله يعلم.
(وسعة من المنقلب) وهي بكسر اللام متاع الدنيا ونعيمها لأنه منقلب على أهلها وبفتحها انقلابهم فيه (واستدراج من الغرور) هو بالفتح الدنيا ومتاعها وبالضم مصدر بمعنى الغفول والخدعة والطمع بالباطل وجمع غار وهي الأباطيل وأصل الاستدراج الخدعة واستدراج الله تعالى العبد أنه كلما جدد خطيئة جدد له نعمة وأنساه الاستغفار وأن يأخذه قليلا قليلا ولا يباغته (وسكون من الحال) هو ما كانوا عليه من رفاه الخاطر وطيب العيش وصحة المزاج وكثرة الأسباب والأموال ونصرة الأعوان والأنصار والمراد بسكونه ثبوته واستقراره لهم وعدم تغيره وانقلابه عليهم.
(وإدراك من الأمل) في لذات الدنيا من المنكوح والمأكول والمشروب والمسكن والملبوس والمركوب وغيرها من ملاذ الدنيا كما شأن السلاطين والأمراء والجبارين والمقبلين إليها التاركين لقواعد الدين وأحكامه والراجعين عن صاحبه وقد أتى (عليه السلام) بالشرط وحذف جزاءه لقرينة المقام أي فليعلموا أن الله تعالى لم يقصم جباري دهر وتاركي شرع إلا بعد تمهيل ورخاء ليستعدوا بذلك استعدادا تاما للأخذ والإهلاك والعقوبة الشديدة كما قال عز وجل (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا) وأقام مقامه ما يدل عليه وهو قوله: