الجاهلين وجملة من الجبارين الذين أماتوا سنن المرسلين وأحيوا سنن الشياطين وغلبوا العباد وخربوا البلاد وعسكرو العساكر وأظهروا المفاخر أمهلهم الله زمانا طويلا ثم أخذهم أخذا وبيلا، فصاروا إلى الآخرة وهم خاسرون وإلى العذاب وهم مشتركون، تذكرة للعالمين وتنبيها للغافلين عاد إلى إظهار حاله وبيان أنه الإمام للمؤمنين والخليفة بعد الرسول الأمين فقال:
(ألا وإني فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون) فهو خليفة الرسول (صلى الله عليه وآله) ووزيره كهارون لموسى (عليه السلام) (وكباب حطة في بني إسرائيل) أمر بنو إسرائيل بعد التيه بدخول قرية بيت المقدس أو أريحا على اختلاف القولين من باب ساجدين لله تعالى عند الدخول قائلين: حطة، وهي فعلة من الحط كالجلسة بمعنى حط عنا ذنوبنا حطة فأشار (عليه السلام) إلى أنه مثل هذا الباب في أن من تمسك به دخل في الدين وكان مطيعا لله تعالى ولرسوله ومغفورا والله سبحانه يزيد لمن يشاء منهم كما أشار إليه بقوله (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين).
(وكسفينة نوح في قوم نوح) حديث السفينة مشهور ووجه المشابهة أن من تمسك به نجا، ومن تخلف عنه هلك.
(إني النبأ العظيم) الذي هم فيه مختلفون روى المصنف بإسناده عن عبد الله بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (عم يتساءلون عن النبأ العظيم) قال: النبأ العظيم الولاية.
(والصديق الأكبر) الصديق فعيل للمبالغة في الصدق وهو الذي يصدق قوله بالعمل ووصفه بالأكبر للمبالغة أنه لم يصدر منه الخطأ أصلا من أول العمر إلى آخره ومن السرقات أن الأول سرق هذا الاسم كما سرق الخلافة مع أن جهله وصرف أعظم أجزاء عمره في عبادة الأصنام مشهور (وعن قليل سيعلمون ما يوعدون) (كذا) نعم كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون وفيه تنبيه على أن من أنكر حقه في هذه الدار يعلم حقيقة ذلك بعلم اليقين ويجد عقوبته في دار القرار (وهل هي) أي الدنيا أو خلافتهم.
(إلا كلعقة الأكل) لعقة كسمعة لحسة شبههما في التحقير والتقليل وقلة الانتفاع وزمانه باللعقة وهي بالضم ما تأخذه في الملعقة وبالفتح المرة الواحدة والغرض منه هو التنفير عنهما وعن ترك الآخرة بهما (ومذقة الشارب) وهي الشربة من اللبن الممذوق بالماء من المذق وهو المزج والخلط تقول: مذقت اللبن فهو مذيق إذا خلطته بالماء.
(وخفقة الوسنان) خفق رأسه حركة إذا نعس، والوسن محركة ثقل النوم أو أوله والنعاس، وسن كفرح فهو وسن ووسنان، كذا في القاموس وفي النهاية: الوسنان النائم الذي ليس بمستقر في نومه، والوسن أول النوم.