الله تعالى إليهم ويمكن أن يكون أسفر باعتبار أنه بمعنى أضاء متعديا ونورا مفعوله والباء للسببية كما مر فإن أضاء قد يجيء للتعدية أيضا.
(فتبوؤا العز بعد الذلة) أي نزلوا في عز الدنيا والآخرة بالهداية بعد الذلة فيهما بالغواية والقتل والغارة والنهب والأسر وعبادة الأصنام ونحوها من أسباب الذلة، والكثرة بعد القلة لاجتماعهم على دين واحد حتى كأنهم صاروا شخصا واحدا بخلاف أحوالهم سابقا فإنهم كانوا على مذاهب مختلفة وآراء متشتتة وقلوب متفرقة ومنازل متباعدة حتى لا يقدر أن يبيت كل صنف منهم خوفا في بيوتهم وخيامهم ولكن في منازلهم ومقامهم.
(وهابتهم القلوب والأبصار) لكثرة الأعوان والأنصار حتى بلغت هيبتهم إلى الأقطار والأمصار كما دلت عليه السير والأخبار.
(وأذعنت لهم الجبابرة وطوايفها) في بعض النسخ «وطواغيتها» والظاهر أن إضافة الطوائف أو الطواغيت إلى ضمير التأنيث بتقدير اللام وأن المراد بهم الولاة المنصوبة من قبلها.
(وصاروا أهل نعمة مذكورة) في ألسنة العباد، هذا ناظر إلى الإذعان والانقياد (وكرامة منشورة) في البلاد هذا ناظر إلى الهيبة.
(وأمن بعد خوف) من أهل البغي والفساد هذا ناظر إلى العز (وجمع بعد كوف) من أهل العناد هذا ناظر إلى الكثرة.
والكوف القطع.
(وأضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان) قد كانت له مفاخر كثيرة وكان بينهم إلى عدنان عشرون بطنا روي عنه (صلى الله عليه وآله): إن الله اصطفى من العرب معدا واصطفى من معد بني النضر بن كنانة واصطفى هاشما من بني النضر واصطفاني من بني هاشم.
(وأولجناهم باب الهدى) إذ بهم خرج الناس من تيه الضلالة وظلم الغواية وبهم الجهالة ودخلوا باب الهداية واهتدوا إلى القوانين الشرعية والنواميس الإلهية والسياسات المدنية والأخلاق الفاضلة النفسانية (وأدخلناهم دار السلام) أي دار الإسلام وإن أريد الجنة فالتقدير أدخلناهم فيما يوجب دخولها لأن الإدخال في السبب إدخال في المسبب.
(وأشملناهم ثوب الإيمان) أي أعطيناهم إياه يقال: أشمله إذا أعطاه إياه والتركيب من باب لجين الماء والوجه هو الإحاطة والشمول والزينة.
(وفلجوا بنا في العالمين) أي غلبوا وظفروا أو ظهروا لأنهم كانوا في خمول الذكر في جهل الجاهلية وظلمة الكفر وبهدايتهم عليهم السلام خرجوا إلى نور الإسلام واشتهروا وظهروا في البأس كالساكن في الظلمة إذا خرج إلى ضوء النهار.