(فقد أمهل الله عز وجل شداد بن عاد وثمود بن عبود) قال الشيخ محمد (رحمه الله) عبود بفتح العين وشد الباء، من تاريخ المدينة، وذكر في القاموس: أيضا عبود كتنور، وفي نسخة: من تاريخ المدينة بالنون المخففة ولا يخفى أنه تصحيف.
(وبلعم بن بحور) في القاموس: بلعم كجعفر الأكول الشديد البلع ورجل معروف أو هو بلعام انتهى وكان أباه سمي بالبحور لكثرة ما له من تبحر في المال إذا كثر ماله أو لكثرة حمقة أو كذبه أو فضوله ومنه الباحر وهو الأحمق والمكذاب والفضولي وفي بعض النسخ «باعور» بدل بحور (وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة) النعمة كل ما يصح الانتفاع به فإن كان من شأنها أن تنالها الحواس فظاهرة وإلا فباطنة، أو المراد بالظاهر كل ما يحتاجون إليه في الحياة الدنيوية وبالباطنة كل ما يحتاجون إليه في الحياة الأخروية مثل إنزال الكتب وبعث الأنبياء وتقرير الحجة ونصب الأوصياء. أو المراد بالظاهرة بعث الرسول بالباطنة تكميل العقول.
(وأمدهم بالأموال والأعمار) وهما من جلايل النعماء أما الأول فلأنها دافعة للحاجات والبليات وباعثة على جلب المنافع والمرغوبات ووسيلة إلى تحصيل المطالب جلها بل كلها ولذلك من الله تعالى به في مواضع عديدة وأما الثاني فلأن طول العمر سبب لزيادة التجربة وتحصيل المعارف وتكميل النفس وتحصيل الثواب والتلذذ بنعيم الدنيا مع الغنى والشكر له وتحمل الصبر والمشقة وألم الغربة مع الفقر وكل ذلك نافع في الآخرة وسبب لرفع الدرجات (وأتتهم الأرض ببركاتها) أي بعطاياها لهم ولأنعامهم وهو كناية عن الخصب والرخاء فيها وإسناد الإتيان إلى الأرض مجاز باعتبار أنها سبب مادي لها (ليذكروا آلاء الله) الظاهرة والباطنة ويؤدوا شكرها طلبا للزيادة في الدنيا والفلاح في الآخرة كما قال الله تعالى (فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون) وفيه ايماء إلى أن ما فعله بهم ابتلاء منهم ليبلوهم أيهم أحسن عملا وأكثر ذكرا، ولذكر الآلاء فوائد أشار إلى ثلاثة منها بقوله:
(وليعترفوا الإهابة) (كذا) ليعترفوا بالتعظيم والتوقير له على سبيل الكناية وعلى أن أهاب بمعنى هاب يقال: هاب الشيء يهابه إذا وقره وعظمه وفي بعض النسخ بالواو والأول أنسب لما ستعرفه (والإنابة إليه) للخوف من أخذه والطمع في رفده.
(ولينتهوا عن الاستكبار) على الله وعلى أوليائه بالمعصية والمخالفة وترك المتابعة وذكر الآلاء للسبب للانتهاء عنه إذ من ذكر آلائه تعالى على نفسه في بدء وجوده إلى كماله علم أنه عبد ذليل بين يدي رب جليل فيحصل له الذل والانكسار وملكة الانتهاء عن الاستكبار، ومما ذكرنا ظهر أن ترتبه على قوله ليذكروا كما يقتضيه ثم أظهر من ترتبه على سوابق هذا القول كما يقتضيه الواو.
(فلما بلغوا المدة) في وقت الموت أو الوقت المقدر لنزول العذاب عليهم (واستتموا الأكلة)