(فليوقنوا بالوعد على حقيقته) كل ما جاء به الرسول حق وله حقيقة ولا ينتفع أحد إلا بالتمسك بحقيقته وإلا فهو من أهل النفاق وقد ذكرنا توضيحه في باب حقيقة الإيمان واليقين من كتاب الأصول وفيه كفاية للمسترشد إلا أنا نقول هنا: الوعد حق ظاهر وله حقيقة باطنة والإيمان بالوعد لا ينفع إلا أن يكون مقرونا بالإيقان على حقيقته الذي يقتضي تأثر القلب بالخوف والخشية والرهبة الداعية إلى فعل الطاعات وترك المنهيات والتضرع إلى الله والفرار عن مخالفته فمن ادعى الإيمان بالوعد وقلبه غير متأثر به وتارك لمقتضاه فهو منافق شبيه بمن حمل الوعد على مجازه وهو مجرد التخويف كما يخوف أحد أحدا بما لا وجود له في الخارج.
(وليستيقنوا بما يوعدون يوم يأتي الصيحة بالحق) قال المفسرون: الصيحة النفخة الثانية وبالحق متعلق بها والمراد به البعث للجزاء (ذلك يوم الخروج) من الأرض للحساب والجزاء.
(إنا نحن نحيي ونميت) في الدنيا أو نميت في الدنيا ونحيي في الآخرة، والواو لا تدل على الترتيب (وإلينا المصير) للجزاء بالأعمال والعقائد.
(يوم تشقق الأرض عنهم سراعا) أي مسرعين في الخروج والرجوع إلى الله (إلى آخر السورة):
(ذلك حشر علينا يسير نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد) وفي تضمين الآية الكريمة وعيد لهم بأنهم سيجدون جزاء ما كانوا يعملون.