غير أن يكون له أصل صحيح أو سند صريح وكانوا ظالمين في هذا الاستبدال على أنفسهم ومن اتبعهم إلى يوم الدين (وزعموا أن من اختاروا.. اه) فيه تصريح ببطلان اختيارهم لأنه مضاد لاختيار الرسول (صلى الله عليه وآله) وأكثر مما يستعمل فيه الزعم في كلام الفصحاء الكذب والباطل والشك واعلم أن الأحاديث المشتركة بين العامة والخاصة وصريح كلام علمائهم المشهورين دلت على أنهم غصبوا الخلافة منه (عليه السلام) وظلموه قال أبو عبد الله الآبي في شرح مسلم: ونقل عن بعض أصحابه أيضا أنه لم يكن بعد النبي (صلى الله عليه وآله) أحد يماثله (عليه السلام) أو يدانيه ويقاربه في صفات كماله وأنه كان في كل واحدة من صفات الكمال فائقا على جميع الأمة وأنه كان أولى باستحقاق الخلافة والإمامة من الجميع إلا أنه أجمعت الصحابة على أبي بكر مع أنه ذكر في الشرح المذكور أن كثيرا من الصحابة لم يبايعوا صاحبهم وعدهم بأسمائهم وظني أني ذكرتها في شرح الأصول.
أقول: لعل السبب لعدولهم عنه (عليه السلام) حب الدنيا والرئاسة وغلبة تصرفهم في أمور المسلمين وأموالهم وبيت المال وطمع الفاسقين منهم في الولايات الجزئية وشدة حسدهم وعداوتهم على أهل البيت عليهم السلام خصوصا على ذاته المقدسة حيث قتل من أقربائهم جمعا كثيرا واعتقادهم أن مخالفة حكم النبي (صلى الله عليه وآله) سهل كمخالفة حكم ساير الأمراء والسلاطين.
(وإن مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري الأنصاري الرباني) الياء فيها للنسبة والجمع إن كان علما كالأنصار لا يرد إلى الواحد في النسبة والمراد به ذاته المقدسة (عليه السلام) وفي النهاية الرباني منسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون للمبالغة وقيل: هو من الرب بمعنى التربية كانوا يربون المتعلمين بصغار العلوم قبل كبارها والرباني العالم والراسخ في العلم والدين والذي يطلب بعلمه وجه الله تعالى وقيل: العالم العامل المعلم.
(ناموس هاشم بن عبد مناف) الناموس صاحب سر الملك والحاذق وقيل: صاحب سر الخير وفيه إشارة إلى مفاخر هاشم وقد كان في حسن الظاهر والباطن والكرم والأخلاق والعلم والعفاف مشهورا في العرب.
(ألا وإن أول شهادة زور) أي كذب وافتراء (وقعت في الإسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله)) دل على أنهم ادعوا استخلافه ولم أطلع في رواياتهم ما يدل عليه إلا ما رووه من أنه (صلى الله عليه وآله) استخلفه عند اشتداد المرض على الصلاة بالقوم وفيه على تقدير صحته أنهم نقلوا أيضا أنه (صلى الله عليه وآله) مع شدة مرضه جاء متكئا على علي (عليه السلام) وعباس إلى المسجد وعزله وصلى بالقوم فلعله استخلفه ثم عزله ليظهر أنه لا يستحق الخلافة للصلاة فضلا للخلافة العامة كما استخلفه في تبليغ سورة البراءة ثم عزله بنصب علي (عليه السلام) لذلك ومنهم من أخذته العصبية فقال لم يعزله واقتدى به وهذا افتراء ومخالف لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله