(ثم تلزمهم المعرات خزيا في الدنيا) المعرة مفعلة العرو هي الشدة وسوء الخلق والإثم والأذى والغرم والدية والجناية وكل ذلك لازم للخلافة مع الجهل، والخزي - رسوا شدن وخوار شدن وهلاك شدن -، يقال: خزى كرضى خزيا ذل وهان وافتضح ووقع في بلية وشهوة يذل بها (ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب) بحسب الكم والكيف والبقاء، والظاهر أن الواو للحال عن ضمير الجمع والعطف على تلزمهم محتمل.
(وما الله بغافل عما يعملون) فيه وعد ووعيد وحث على الخير وزجر عن الشر لأن العامل إذا علم أنه تعالى يعلم عمله ويجزيه بحسبه يجتهد في الخير ويجتنب عن الشر.
(فما جزاء من تنكب محجته) أي أعرض عن الطريق المستقيم والضمير إما راجع إلى الله تعالى أو إلى الموصول وهو أنسب وكذا في البواقي (وأنكر حجته) هي الدليل والبرهان ولعل المراد بها الرسول (صلى الله عليه وآله).
(وخالف هداته) (كذا) لعل المراد بهم الأئمة عليهم السلام (وحاد عن نوره) أي رجع وأعرض عنه ولعل المراد به القرآن أو الشريعة إذ هما كالنور في كشف الحجاب عن وجه المطلوب.
(واقتحم في ظلمه) أي دخل فيه بلا روية في سوء خاتمته ولا تفكر في قبح عاقبته.
(واستبدل بالماء السراب) السراب ما تراه نصف النهار في فلاة من لمعان الشمس عليها فظن أنه ماء يسرب أي يجري وأراد (عليه السلام) بالماء نفسه القدسية فإنها بمنزلة الماء في كثرة الانتفاع وإحياء القلوب القابلة أو العلوم الشرعية وبالسراب من انتحل الخلافة أو الجهل.
(وبالنعيم العذاب) أراد بالنعيم نعيم الجنة أو ذاته الطاهرة النافعة كما فسر به في قوله تعالى:
(ثم لتسألن يومئذ عن النعيم).
(وبالفوز الشقاء) أي استبدل بالفوز بالسعادة والرحمة والرضوان بالشقاء الموجب للحسرة والخيبة والخسران (وبالسراء الضراء) السراء كما مر الحالة التي تسر والضراء نقيضها وهي الحالة التي تضره ولعل المراد بالأولى حالة النفس بسبب اتصافها بالإيمان وأركانه ولوازمه وبالثانية حالتها بسبب اتصافها بالكفر وأركانه ولوازمه.
(وبالسعة الضنك) أي استبدل بسعة العيش في الأخرة ضنكه وضيقه فيها لتركه أسباب الأول وتحصيله أسباب الثاني أو في الدنيا أيضا لأن سعة العيش فيها إنما هي بمتابعة الإمام العادل الدافع للظلم والجور عن النفس والمال والقسمة وضيقه بمتابعة الجائر الداعي إليها.
(إلا جزاء اقترافه وسوء خلافه) أي اقترافه ما ذكر من التنكب وما عطف عليه أو الأعم وسوء خلافه مع الرسول ووصيه وأفاد بالاستثناء أنه لا ظلم في ذلك الجزاء.