بضبع ابن عمه والحديث مشهور بين العامة والخاصة في غاية البسط ونهاية المبالغة، وفي قوله (صلى الله عليه وآله): «من كنت مولاه فعلي مولاه» إفادة ثبوت الولاية له (عليه السلام) على نحو ثبوتها له (صلى الله عليه وآله) من غير تفاوت وهي أنه سيد الأمة ومقتداهم ومالك أمورهم ومتوليها وأولى بالتصرف منهم فيها والمنعم عليهم بالعلم والتعليم والهداية والإرشاد، وفي الفائق قال ثعلب: معناه من أحبني وتولاني فليتوله وفيه قوله: «اللهم وال من والاه» معناه أحب من يحبه.
(وأنزل الله تعالى في ذلك اليوم (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) دل على أنها نزلت يوم غدير خم ودل عليه روايات أخر وهذا ينافي ما رواه المصنف في كتاب الحجة في باب ما نص الله تعالى ورسوله على الأئمة بإسناده عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل «ثم نزلت الولاية وإنما آتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة أنزل الله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي)، وروي مثله في طريق العامة روى مسلم عن ابن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر فقال: آية في كتابكم تقرؤونها لو نزلت علينا معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. وأي آية؟ قال: (اليوم أكملت لكم دينكم) الآية. فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه والمكان الذي نزلت فيه نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعرفات في يوم الجمعة ونحن معه، قال القرطبي: هو يوم عرفة في حجة الوداع. وقال مجاهد: نزلت يوم فتح مكة. ويمكن رفع المنافاة بأنها نزلت مرتين. إذا عرفت هذا فنقول: الولاية آخر فريضة نزلت ولم تنزل بعدها فريضة يدل عليه ما رواه المصنف باسناده في الباب المذكور عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كانت الفريضة نزلت بعد الفريضة الأخرى وكانت الولاية آخر الفرائض فأنزل الله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) قال أبو جعفر (عليه السلام): يقول الله تعالى لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة قد أكملت لكم الفرائض» وذهب إليه أيضا مجاهد قال: ودينكم معناه شرايع دينكم لأنها نزلت نجوما وآخر ما نزل منها هذه الآية.
وكذا ذهب إليه ابن عباس قال: ولم ينزل بعد هذه الآية حكم ومعنى الآية بتفسير أهل البيت عليهم السلام (اليوم أكملت لكم دينكم) بولاية علي (عليه السلام) وأتممت عليكم نعمتي بإكمال الشرايع بإمامته ورضيت لكم الإسلام دينا بخلافته. والعامة لما لم يعرفوا ذلك اعترضوا على الآية بأنه تعالى لم يزل كان راضيا بدين الإسلام فلم يكن لتقييده باليوم.
فائدة: وأجاب عنه القرطبي بأن معنى قوله (رضيت لكم الإسلام دينا) أعلمتكم اليوم برضاي له دينا وإلا فهو سبحانه كان دائما راضيا بذلك فلا يرد أن لا فائدة للتقييد باليوم لأن رضاه وإن كان دائما لكن الإعلام برضاه وقع في ذلك اليوم، فاعرف قبح ذلك الاعتراض مع الجواب وكن من الشاكرين. وهو قوله: