أنه لا يستغني الرجل وإن كان ذا مال عن عشيرته ودفاعهم عنه» وعلى الثاني من قل عطاؤه ذل وقال بعض المحققين: الموجود في النسخ المصححة قل بالقاف والظاهر أنه بالفاء وبالقاف تصحيف قال في الصحاح: فله فانفل أي كسره فانكسر.
(ومن جاد ساد) أي جل قدره عند الناس متوليا لأمورهم يرجعون إليه وينقادون له وقد رغب في الجود بذكر بعض فوائده المرغوبة.
(ومن كثر ماله رأس) رأس رؤسا مثل قال قولا مشي متبخترا وأكل كثيرا ورأس يريس ريسا مشى متبخترا والشيء ضبطه والقوم اعتلا عليهم وقد نفر عن إكثار المال بذكر بعض خصاله المذمومة التابعة له.
(ومن كثر حلمه نبل) نبل ككرم نبالة فهو نبيل نجيب كريم حسيب وقد رغب في الحلم بذكر شيء من منافعه المطلوبة.
(ومن أفكر في ذات الله تزندق) الفكر بالكسر ويفتح إعمال النظر في الشيء ليعرفه فكر فيه وفكر وأفكر وتفكر بمعنى والزنديق بالكسر من الثنوية أو القائل بالنور والظلمة أو من لا يؤمن بالله وبالربوبية أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان أو هو معرب زن دين أي دين المرأة يعني من نظر في ذات الله بالتحديد والتوصيف والتجزئة والتشبيه والتجسيم والمقدار والغاية والنهاية وأين هو وكيف هو ومتى هو فقد أنكر ربوبيته وكفر بالله العظيم.
(ومن أكثر من شيء عرف به) إن خيرا فخير وإن شرا فشر، وفيه ترغيب في الخير ليعرف به وفي بعض النسخ: «في شيء».
(ومن كثر مزاحه استخف به) إكثار المزاح والمطايبة في الأمر الجايز مذموم لما ذكر من الاستخفاف والاستهزاء والسخرية به وأما أصل المزاح فليس بمنهي عنه مع الأصدقاء والأحباء ومزاحه (عليه السلام) ومزاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) مشهوران حتى قالوا: يا رسول الله إنك تداعبنا قال: «إني أمزح ولا أقول إلا حقا) ولذلك قال العلماء المنهي عنه من المزاح ما يسقط المهابة والوقار ودل على قلة العقل وخفته وأما الذي سلم من هذا فهو الذي كان النبي (صلى الله عليه وآله) يفعله وكذلك الوصي على الندرة لمصلحة وتطييب نفس المخاطب ومؤانسته وهو مستحب.
(ومن كثر ضحكة ذهبت هيبته) إكثار الضحك مذموم لذهاب هيبته وخوفه وتوقيره وتعظيمه عن القلوب وأما أصله فليس بمنهي عنه لما مر وقد روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) إن ضحك لم يعل صوته لغلبة ذكر الموت وما بعده وكان أكثر ضحكه التبسم وقد يفتر أحيانا ولم يكن من أهل القهقهة (فسد حسب من ليس له أدب) إذ الحسب إنما يحصل بالأدب وإذ ليس فليس، ولو أريد بالحسب شرف الولد باعتبار شرف الآباء ففساده بعدم الأدب أيضا ظاهر.