ممدوح يتركها بالاضطرار وهو مذموم والعاقل لا يؤثر الذم على المدح لأمر يتركه بالاضطرار.
(ومن لم يعط قاعدا منع قائما) يحتمل وجهين الأول وهو الأظهر أن يكون الفعلان مجهولين يعني من لم يعط زائدا على القوت حال كونه قاعدا غير طالب له منع منه حال كونه قائما طالبا له لأن المقدر يأتيه طلبه أو لم يطلبه وغير المقدر لا يحصل وإن طلبه كما دل عليه بعض الروايات.
والثاني أن يكونا معلومين يعني من لم يعط قاعدا غير سائل منع قائما سائلا لاشتراكهما في علة المنع وهي البخل وفيه ترغيب في إعطاء غير السائل.
(ومن يطلب العز بغير حق يذل) عند الله في الدنيا والآخرة كما طلبه الخلفاء الثلاثة وأضرابهم (ومن يغلب بالجور يغلب) وقتا ما إما في الدنيا أو في الآخرة والإمهال في الجملة للاستدراج أو لغرض آخر لا ينفعه لأنه تعالى ينتقم منه (والله عزيز ذو انتقام) ولأن المظلوم من حزب الله وحزب الله هم الغالبون وفيه أيضا تعريض لمن غلبه بالخلافة.
(ومن عاند الحق لزمه الوهن) كما قال الله تعالى في وصف المنافقين: (يحسبون كل صيحة عليهم) وقال في وصف الكفار: (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) ويحتمل أن يكون المراد أن المطلوب إذا كان أمرا عظيما كإظهار دين الحق لا يمكن حصوله إلا بعد قوتهم وتظاهر بعضهم ببعض وفيه تنبيه على وجوب الألفة والاتحاد في الدين وعدم تشتت الآراء والتعاند فيه فإن ذلك يدعو إلى التفرق والتحزب ودخول الوهن والضعف عليهم وكل ذلك مناف لمطلوب الشارع ألا ترى أن الملك في تحصيل الملك يحتاج إلى تعاون العساكر وتآلفهم وتظاهرهم حتى يحصل له القوة وتتجلى له صورة النصر وفيه أيضا تعريض لمن ذكر.
(ومن تفقه وقر) دل على أن التوقير والتعظيم من لوازم التفقه في الدين والآيات والروايات الدالة عليه أكثر من أن تحصى ويكفي في ذلك أن الملائكة تضع أجنحتها له رضى به وأنه من ورثة الأنبياء وأنه يستغفر له جميع الموجودات حتى الحوت في البحر.
(ومن تكبر حقر) عند الله وعند الأنبياء والمرسلين بل عند جميع المخلوقين والله سبحانه يوصل إليه ضد ما قصده.
(ومن لا يحسن لا يحمد) الإحسان ضد الإساءة يعني من لا يحسن إلى الخلائق لا يكون محمودا عندهم وقد اشتهر أن الإنسان عبيد الإحسان وأن الإحسان وإن كان ثقيلا إلا أن فيه أثرا جميلا وإن ذا القرنين قال لأستاذه أرسطاطاليس: انصح لي، فقال: «ملكت البلاد بالفرسان فاملك القلوب بالإحسان».
(أيها الناس أن المنية قبل الدنية) المنية الموت والدنية الخصلة المذمومة يعني احتمال الموت قبل احتمال ما يعيبك وخير منه.