حيث أنها توجب الإنكسار والافتقار خضوع ومن حيث أنها توجب إنحطاط الرتبة عن الغير وتعظيمه تواضع.
(وورع عن محارم الله واجتنب مساخطه) هذا من آثار الحياء والحياء من آثار اللينة لأن اللين ينفعل قلبه سريعا عن إرادة المحارم والمساخط فيكف نفسه عنهما خوفا من اللوم وذلك الانفعال هو الحياء والكف هو الورع (ورزقه الله مودة الناس) المراد بهم الشيعة إذ لا ينبغي المودة لغيرهم.
(ومجاملتهم) في المعاملات والمحاورات والإحسان إليهم وفعل ما هو جميل لهم وهي من لوازم المودة. والرزق كلما ينتفع به فإطلاقه على المودة والمجاملة حقيقة ولهما منافع كثيرة لأن العاقل يعلم أن مودته ومجاملته لهم يستلزم مودتهم ومودة اتباعهم وخدمهم وحواشيهم ومجاملتهم له فيجلب لنفسه من مودة واحد ومجاملته مودة أشخاص كثيرة ومجاملتهم له وميل قلوبهم إليه وأنسهم به ومدافعتهم عنه وبذلك يتم نظامه وصلاح حاله في الدنيا وفي الآخرة (وترك مقاطعة الناس والخصومات) لأنها موجبة لنفارهم عنه وإضرارهم إياه وبعدهم عنه وعداوتهم له وبذلك يفسد نظامه والمراد بالناس كلهم ولذلك أتى باسم الظاهر (ولم يكن منها ولا من أهلها في شيء) أي لم يكن ثابتا في شيء من المقاطعة والخصومات، صغيرها وكبيرها، جليلها، وحقيرها، ولا في شيء من صفة أهلها من التباغض والتحاسد والتشاتم والتفاحش ونحوها.
(وإن العبد إذا كان الله خلقه في الأصل أصل الخلق كافرا لم يمت حتى يحبب إليه الشر ويقربه منه) قال الفاضل الأمين الأسترآبادي: معناه التخلية بينه وبين شيطانه وإخراج الملك عن قلبه وهذا من باب جزاء العمل في الدنيا كما وقع التصريح به في الأحاديث وفي كلام ابن بابويه (فإذا حبب إليه الشر وقربه منه) بالتخلية وسلب اللطف والتوفيق لسوء استعداده وفساد قلبه (ابتلى بالكبر والجبرية) المندرج فيهما جميع الرذائل النفسانية.
(فقسا قلبه) أي صلب وغلظ واسود بحيث لا يهتدي إلى الخير ولا يقبله (وساء خلقه) لأن المتصف بالكبر والجبرية بترك محاسن الأخلاق كلها مثل السلم والكلام والتواضع والإنصاف والملاينة والمداراة ونحوها ويتصف بأضدادها لزعمه أنها منافية، لمرتبته وموجبة لإنكسار عظمته (وغلظ وجهه) كناية عن عبوسة وتصعره وعدم انبساطه وبشاشته.
(وظهر فحشه) هو ما اشتد قبحه من الذنوب ويندرج فيه الغيبة والبهتان وسائر أكاذيب اللسان (وقل حياؤه) فلا يبالي وقوع شيء من القبايح والظاهرة والباطنة.
(وكشف الله ستره) لعل المراد بالستر هو الحجاب بين الذنوب وبين المقربين فإذا كشفه فضحه عندهم فيبغضونه ويلعنونه والله سبحانه ستار يستر ذنوب العبد إذا لم يتجاوز عن الحد أو المراد به