للحق وإنكاره لأهله.
(فإن جرى على لسانه حق) على سبيل الاتفاق أو لغرض من الأغراض (لم يعقد قلبه) لعدم اعتقاده به إذا لم يعقد قلبه عليه.
(لم يعطه الله العمل به) ولم يوفقه له ضرورة أن العمل قد يتوقف على الإعتقاد به (فإذا اجتمع ذلك عليه حتى يموت) دل على قبول توبته إن تاب، وإنما لم ينسب الجمع هنا إلى الله تعالى كما في السابق لأن ذلك من سوء صنيعه وعوج تدبيره (وهو على تلك الحال) باقيا على الباطل (كان عند الله من المنافقين) الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم (وصار ما جرى على لسانه من الحق الذي لم يعطه الله أن يعقد قلبه عليه) لإنقلاب قلبه عنه.
(ولم يعطه العمل به) بسبب خذلانه وسلب توفيقه عنه ووكوله إلى نفسه وهو معنى الإضلال في قوله تعالى (يضل الله من يشاء).
(حجة عليه يوم القيامة) لتصوره إياه مع عدم اعتقاده به فيلوم نفسه متأسفا بفواته.
(فاتقوا الله وسلوه أن يشرح صدوركم للإسلام.. اه) أمر بالاتقاء من عقوبة الله وخذلانه والتحرز من صفات المنافقين بالسؤال المذكور للإشعار بأن ذلك لا ينال إلا بتوفيق الله والاستعانة به، واعلم أن فعل العبد وإن كان منه لكن يتوقف حصوله على أسباب ومسببات وشرائط متكثرة لو انتفت واحدة منها أو انتقصت لم يتحقق الفعل أو انتقص، وأكثرها من الله تعالى وبعضها وإن كان من العبد يتوقف على توفيق ولطف واستعانة به كما روى «أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسبابها» مثلا كف بصرك عن المحارم يتوقف على العلم بنفعه وضرر ضده والقدرة عليه وإلهام حتى تنتهي إلى الكف وكل ذلك من الله تعالى إلا الأخير وهو الإرادة الجازمة المقارنة للفعل وقد ذكرنا في كتاب التوحيد جملة منها على سبيل الإجمال ولكن لا تجب علينا معرفة تفاصيل ذلك وإنما الواجب علينا عقلا ونقلا وتجربة أن نعرف أنا نحتاج في أفعالنا إلى التوسل بالله تعالى والاستعانة به وطلب التوفيق واللطف منه كما في هذه الرواية وغيرها من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأخبار العلوية فلذلك كرر (عليه السلام) الأمر بالتوسل به والسؤال عنه والاستعانة منه والله ولي التوفيق.
(وإن يجعل منقلبكم منقلب الصالحين قبلكم) الانقلاب الرجوع والمنقلب بضم الميم وفتح اللام أما مكان أو زمان أو مصدر أي يجعل مرجعكم أو رجوعكم إلى الله تعالى في جميع الأوقات أو في وقت الاحتضار أو في القيامة مثل مرجع الصالحين أو رجوعهم في الاشتمال على السرور والكرامة والروح والراحة المعرى عن الحسرة والندامة.
(ومن سره أن يعلم أن الله يحبه فليعمل بطاعة الله وليتبعنا) أشار إلى أن محبة الله تعالى لعبده