على وجود الصانع وقدرته وحكمته وأدب السمع استماع الآيات وغيرها من الكلام الحق وأدب التكلم التكلم بما ينبغي والسكوت عن غير من الفضول وأدب القلب معرفة الله وما يليق به ومعرفة الرسول والاحكام والأخلاق والاتصاف بها وقس على ذلك.
(فخذوا به وتفهموه واعقلوه) أمر أولا: بالأخذ به وهو تناوله وقبوله بالقلب.
وثانيا: بتفهمه وهو معرفته ومعرفة حسنه وكماله.
وثالثا: بعقله وهو الغور فيه وإدراك حسن عاقبته أو إمساكه وحفظه من عقلت الشيء إذا أمسكته وحفظته وهذه أمور ثلاثة لابد منها في كل مطلوب (ولا تنبذوه وراء ظهوركم) النبذ الرمي ونبذه كناية عن عدم الالتفات إليه دائما.
(ما وافق هداكم أخذتم وما وافق هواكم طرحتموه ولم تأخذوا به) الهدى القرآن والطريق المستقيم أيضا والهوى مشتهيات النفس وأمانيها وهو الهها ومعبودها كما قال عز شأنه: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) والإضافة فيهما لامية والخبر بمعنى الأمر على الظاهر وفيه إشارة إجمالية إلى أنه يجب على كل عاقل أن يزن ما ورد عليه بميزان العقل والشرع فما وافق الحق يأخذه وما وافق الباطل يتركه.
(وإياكم والتجبر على الله) حذر عن التجبر على الله لأنه مهلك والمراد به ترك الامتثال بأوامره ونواهيه وآدابه وأحكامه ومواعظه نصايحه أو المراد به التجبر على أولياء الله أو على الناس كلهم.
(واعلموا أن عبدا لم يبتل بالتجبر على الله إلا تجبر على دين الله) وهو ظاهر لأن التجبر بالمعنيين المذكورين يوجب ترك ما اشتمل عليه دين الله وأيضا المتجبر يترك كل كمال وفضيلة حفظا لمرتبته كما هو شأن الجبارين.
(فاستقيموا لله) بالثبوت على ولايته وولاية الرسول والأئمة عليهم السلام والانقياد لأوامرهم ونواهيهم وآدابهم (ولا ترتدوا على أعقابكم) بإنكار شيء من ذلك بعد إذ هديتم.
(فتنقلبوا خاسرين) كما هو حال المخالفين. وذلك هو الخسران المبين.
(أجارنا الله وإياكم من التجبر على الله) هذا دعاء لنفوسهم القدسية ولمن تبعهم إلى يوم الدين، والتجاء إلى الله من التخلص عن هذه الخصلة الذميمة.
(ولا قوة لنا ولكم إلا بالله) أي لا قوة في الطاعة والتحلي بالفضائل والتخلي من الرذائل وترك التجبر إلا بعون الله، وفيه انقطاع عن الغير بل عن نفسه والتجاء إلى الله تعالى وطلب لتوفيقه على الخيرات كلها وإظهار للعجز والمسكنة والافتقار إليه في جميع الأمور.
(وقال: إن العبد إذا كان خلقه الله في الأصل الخلق مؤمنا) المراد بالخلق الإيجاد أو التقدير