هي أحسن التقية وفيه ترغيب، في دفع ضررهم بها.
(لا يحل لكم أن تظهروهم على أصول دين الله) هي الولاية وعدم الجبر والتفويض وزيادة الصفات وجواز الرؤية ونحوها أو الأعم منها ومن الأحكام المختصة بالشيعة مثل وجوب المسح واستحباب القنوت ورفع اليدين بالتكبيرات المندوبة وأشباهها.
(فإنهم إن سمعوا منكم فيه شيئا) من الأمور المخصوصة بكم (عادوكم عليه) وآذوكم به بل ربما قتلوكم (ورفعوه عليكم) إلى الجائر أو إلى الناس بالتشهير والإفشاء (وجهدوا على هلاككم) بقدر الإمكان (واستقبلوا بما تكرهون) من الأقوال الغليظة وغيرها.
(ولم يكن لكم النصفة منهم في دون الفجار) النصف والنصفة محركتين والإنصاف داد دادن والمنصف داد دهنده يعني أنهم وحاكمهم يجورون عليكم ولا يعدلون فيكم وفيه ترغيب بالتقية منهم وعدم إظهار ما يخالف مذهبهم عندهم لأنهم حينئذ يجتهدون على هلاككم وليس لكم من يدفع الظلم عنكم.
(اعرفوا منزلتكم فيما بينكم وبين أهل الباطل) المنزلة موضع النزول والدرجة يعني وجب عليكم معرفة منزلتكم فيما بين الناس وهي الإيمان بالله وما يليق به وبالرسول وما جاء به وبالولاية ومن اتصف بها، وإظهار أصول الدين وأحكامه على أهلها والاتصاف بآدابه وأخلاقه والامتثال بأوامره ونواهيه ليحصل لكم التميز بينها وبين منزلة أهل الباطل والتمكن من التحرز عنها وإنطباق الدليل عليه وهو قوله:
(فإنه لا ينبغي لأهل الحق أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل) ظاهر لأن أهل الحق ينبغي أن يكونوا مع الحق فلا ينبغي لهم الاتصاف بالباطل كأهله، وهنا احتمال أخر وهو أنه يجب عليكم معرفة منزلتكم فيما بينكم وهي ما ذكر ومنزلتكم فيما بين أهل الباطل وهي حسن المعاشرة معهم ظاهرا والتقية منهم للإحتراز من ضررهم إلا أن في انطباق الدليل المذكور عليه خفاء إلا أن يراد بأهل الباطل في الدليل أعم من أهل الخلاف وتارك التقية لأن تاركها أيضا في باطل والله أعلم.
(لأن الله لم يجعل أهل الحق عنده بمنزلة أهل الباطل) دليل لقوله لا ينبغي وبيان لشرافة منزل أهل الحق وخساسة منزل أهل الباطل عنده تعالى لأن منزل أهل الحق جنات النعيم أعدها لعباده المؤمنين الذين تمسكوا في الدين بالأئمة الطاهرين ومنزل أهل الباطل نار ذات عقارب وأغلال وذات سلاسل وأنكال فلا ينبغي لأهل الحق أن ينزلوا منزلهم.
(لم يعرفوا وجه قول الله عز وجل في كتابه: إذ يقول أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) وهذا وصف أهل الباطل وبيان لضعف