طاعة الإمام وأصله المجاوزة عن الحد.
(فإنه من بغى صير الله بغيه على نفسه) لعود ضرره إليها في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم).
(وإياكم أن يحسد بعضكم بعضا) بتمني زوال نعمته ما لا كان أو حالا (فإن الكفر أصله الحسد) كما كفر إبليس بإنكار السجود لآدم حسدا له. وكفر بعضهم بغصب الخلافة وإنكار الولاية كذلك والحاسد كافر بالله العظيم لنسبة الجور إليه في القسمة وكافر بنعمته لتحقيرها وكافر بمخالفة الأمر بترك الحسد، ومفاسد الحسد أكثر من أن تحصى.
(وإياكم أن تعينوا على مسلم مظلوم) الإعانة إذا عدى بعلى للضر وبنفسه للنفع كما سيجيء (إن دعوة المسلم المظلوم مستجابة) دل على جواز الدعاء على الظالم لأن التحذير من قبوله إقرار له وقد وقع الأمر بالدعاء عليه في بعض الأخبار ولا فرق في ذلك بين من عم ظلمه ومن خص بواحد ولا بين من يكون ظلمه متجاوزا عن الحد ومن لا يكون، ولا بين أن يكون الظالم مؤمنا أو كافرا إلا أن الأولى ترك الدعاء على الظالم المؤمن عم ظلمه أو لا لأنه أوفر للأجر (وإياكم وإعسار أحد.. اه) الإعسار: طلب الحق من الغريم على عسره وضيق حاله والإعسار أيضا الافتقار ومنه المعسر بمعنى المفتقر كما سيجيء.
(ومن أنظر معسرا أظله الله بظله) أي بظل عرش أو برحمته شبهها بالظل في نجاة من استقر فيها من حر الشدائد واستعار لفظه.
(يوم لا ظل إلا ظله) أي رحمته كما قال تعالى: (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) (وحبس حقوق الله قبلكم) أمر بأداء الحقوق الموقتة في أوقاتها والمشروطة بشروطها والمطلقة والثابتة في أول أوقات إمكانها وهي أعم من الواجبات والمندوبات.
(كان الله أقدر على التعجيل له إلى مضاعفة الخير في العاجل والآجل) من كان لله كان الله له والخير في العاجل أعم من الطاعة والنعمة في الأجل الثواب والرحمة وهو يدل على أن أداء حقوق الله سبب زيادة الرزق كما قال: (من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) (فأدوا إلى الله حق ما رزقكم) من النعماء الظاهرة والباطنة التي لا يمكن احصاؤها وحق ذلك هو الطاعة والشكر والوفاء به سبب لبقاء الواصل، وحصول غير الحاصل، كما قال تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) وزوال النعمة عذاب أيضا وقد قيل: إن النعمة صيد والشكر قيد.
(وإن استطعتم أن لا يكون منكم محرج الإمام فإن محرج الإمام هو الذي يسعى بأهل الصلاح