رغب في الأمور المذكورة بقوله:
(فإنكم إن لم تفعلوا ذلك) المذكور من الصبر على البلاء والاحتراز عن المماظة والاتصاف بسيرة الصالحين.
(لم تنزلوا عند ربكم منزلة الصالحين قبلكم) لأن تلك المنزلة المقررة للصلحاء لا ينزلها من لم يتصف بصفاتهم.
(وأعلموا أن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا) لعل المراد بالخير اللطف والتوفيق لاستعداد العبد في قبولهما، أو خلق حب الحق وكراهة الباطل في قلبه - عند الفاضل الأمين الأسترآبادي - أو الأذن في دخول الجنة - عند بعض المفسرين - أو الهداية إليها في الآخرة بسبب إيمانه في الدنيا وهذا مروي عن الرضا (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) أو المراد بالإرادة العلم وصح إطلاقها عليه كما ذكره بعض المحققين وعلى التقادير لا يرد أنه تعالى أراد خير العباد كلهم فلا وجه للتخصيص ببعضهم.
(شرح صدره للإسلام) أي بكشف الحجب المانعة منه حتى يقبله أو يبسطه ويوسعه لقبوله وقبول أحكامه ومعارفه والتسليم لله والثقة به والسكون إلى ما وعده من ثوابه ولا محالة يصير عالما بها ولذلك قال:
(فإذا أعطاه ذلك) أي شرح الصدر اللازم لإرادة الخير والمستلزم للعلم (نطق لسانه بالحق وعقد قلبه عليه) عقدا ثابتا لا يزول بالشبهات وغيرها والمراد بالحق ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) والإقرار بالولاية وذلك لظهور أن النطق به وعقد القلب عليه فرع العلم فتأمل.
(إذا جمع الله تعالى له ذلك) المذكور وهو إرادة الخير وشرح الصدر والنطق بالحق والعقد عليه والعمل به وإنما نسب الجميع إليه سبحانه مع أن أكثر ذلك فعل العبد باعتبار توفيقه إياه ثم إسلامه دل على أن حق العمل خارج عن حقيقته متمم له موجب لكماله.
(وكان عند الله عز وجل إن مات على ذلك الحال من المسلمين حقا حقا) مفعول مطلق لفعل مقدر تأكيد للحق المستفاد من مضمون الجملة لرفع احتمال الباطل، والحال يذكر ويؤنث فلذلك ذكره هنا وأنثه فيما يأتي.
(وإذا لم يرد الله تعالى بعبد خيرا) يعرف ذلك بما مر وإنما لم يرد ذلك له لإبطاله الاستعداد الفطري والعقل النظري بسوء أعماله واعراضه عن الإيمان بالله وبمن أمر بطاعته.
(وكله إلى نفسه) أي خلاه مع نفسه جزاء لعمله والنفس أمارة بسوء (فكان صدره ضيقا حرجا) الحرج الضيق أو أشد أفراده فعلى الأول تأكيدا وعلى الثاني تأسيس ومبالغة في عدم قبوله